بعد سنة من الهدوء النسبي في الجنوب، والذي حل في عقب انتهاء عملية "الرصاص المسكوب"، بدأ مؤخراً تصعيد في أعمال العنف على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، حيث استؤنف إطلاق قذائف الهاون وصواريخ القسام من القطاع، ورداً على هذه العمليات قام سلاح الجو بقصف مواقع في غزة وقُتل في هذه الهجمات عدد من الفلسطينيين. وبدوره حذر بنيامين نتنياهو حماس بالقول "سنرد بقوة على أي صاروخ". هذه الأحداث وقعت بالتزامن مع توتر علاقات حماس بمصر، التي تحكم من جانبها الحصار على غزة. فالمصريون يعملون حالياً على بناء جدار فولاذي سعياً لاحباط عمليات التهريب عبر الانفاق في سيناء. اضافة الى منعهم دخول قوافل الاغاثة من معبر رفح. مشكلة غزة تتميز بأنها قابلة للظهور على السطح فوراً، كلما ظنت اسرائيل ان غزة ومشاكلها قد نُسيت. لا يوجد حل سهل للضائقة التي يعيشها مليون ونصف مليون إنسان فلسطيني فقير في القطاع، وهؤلاء يعيشون تحت حصار مزدوج من جانب إسرائيل ومصر. علاوة على أن حكومتهم يقاطعها العالم أجمع. وقد أثبتت عمليات إطلاق الصواريخ الأخيرة بأنه حتى الخروج في عمليات عسكرية كبيرة لا تضمن الهدوء لفترة طويلة. ان لاسرائيل مصلحة في منع التصعيد في الجنوب بدلاً من الانجرار "لجولة ثانية" من الصدام العنيف مع حماس. غير أن تهديدات نتنياهو لن تحقق ذلك. كما أنه لن يُخاطر، كسلفه، بالتوقيع على التزام علني يدفع اسرائيل للخروج في عملية عسكرية جديدة فقط من أجل "دعم قوة الردع" و "لتلقين حماس درساً قاسياً". لقد حان الوقت للتفكير في استراتيجية جديدة حيال غزة. فالحصار الاقتصادي، الذي حول حياة الغزيين جحيما، لن يؤدي الى سقوط حكومة حماس، ولا استعادة الجندي المخطوف شاليط. فالحصار لم يؤد الا الى الاضرار بصورة اسرائيل، واتهامها بخرق مسؤوليتها الانسانية في غزة، وفقاً للقانون الدولي. وبدلاً من الانشغال بتبرير الفشل بالافراط في استخدام القوة، والتي لا توفر الامن لفترة طويلة، على الحكومة الاستجابة للمطالبات الدولية بتسهيل حياة الفلسطينيين في غزة. يجب فتح المعابر بين اسرائيل وغزة، والمساهمة بشكل غير مباشر في اعادة الاعمار. فنفس المنطق الذي يوجه سلوك الحكومة في الضفة الغربية، وهو تحفيز الاقتصاد يمنع الارهاب، يمكن بل ويجب أن ينجح في غزة.