طالب عبدالله الصانع الخطاط المعروف بالمدينة المنورة بضرورة التمسك بأصالة الحرف العربي والاهتمام بقواعده الثابتة، وأكد أن هناك شركات عالمية تتعمد بث فيروس سام أطلقت عليه اسم (أنفلونزا الحروف) والكلام للصانع، هذه الشركات تريد استبدال أحرفنا العربية بأخرى شبيهة لها، وذلك لإزالة رمز من رموز هذه الأمة العربية الإسلامية، حيث يروجون لأنواع جديدة من الخطوط، وهم بذلك أنما يدمرون قواعد الخط العربي ويجعلون منه سلعة رخيصة لا قيمة لها، أنتجوا خطوطاً جديدة أسموها بأسماء لا تمت إلى الأصالة والتراث بشيء مثل [الخط الحر] و [الخط المودرن] و [الخط العصري] و [الخط الكمبيوتري]، وهكذا يريدون تدمير تراثنا المتمثل في الحرف العربي الأصيل الذي سطر حروف القرآن الكريم. ويسرد الصانع تطور الحروف منذ أكثر من مائتي عام بقوله: تسلسل وتطور الحرف العربي انتهى بشكله الحالي الذي يمثل الحضارة الإسلامية، حيث كتبت بهذه الأحرف العلوم والآداب وسائر الفنون العربية والإسلامية، وقد دلت التجارب على أن هذا التطور الذي انتهت إليه، هو آخر ما وصلت إليه من الإصلاح والتهذيب، ولكن مع الأسف- والكلام للصانع- هناك من الخطاطين أو الكتاب أو الباحثين من يريدون اختراع طرق جديدة لتحقيق هذا الإصلاح لتكون الكتابة مطابقة للنطق كما يقولون فهم بذلك يبدأون بهدم قواعد الحرف المتينة بمعاولهم ما استطاعوا. ويضيف الصانع: «فقد بدأوا في هجومهم على الحرف العربي منذ عام 1899م عندما اقترح الأستاذ أحمد لطفي السيد بك بمصر طريقة للإصلاح، وبمحو الشكل الحالي للحروف وإبداله بالحروف اللينة لتدل على الحركات مثال [ضرب] تصبح [ضاربا] و [حسن] تصبح [حاسونا] و[محمد] تصبح [موحامادون]، وفي عام 1914م اقترح [الأب انستاس الكرملي] في مصر طريقة لتغيير الحروف العربية تشبه ما بدأه به سلفه [لطفي] حيث إن هذه الطريقة تغني عن الحركات، وهي في الواقع تضيع الوقت وتزيد من تكاليف الطبع، وأهم من هذا وذاك أنها تقضي على جمال الحرف العربي وقواعده، ومرت علينا مسألة تغيير الحروف العربية واختراع حروف جديدة أخرى أو استخدام الحروف اللاتينية بدلاً عنها على نحو ما فعله الأتراك، وهذه الفكرة يميل إليها طائفة من الكتاب المستشرقين، وهم يعللون ذلك أن الرجال والنساء والأطفال من الغربيين الذين يكتبون بالحروف من أعمال الصانع الخطية اللاتينية، لا يخطئون في نطق كلمة من الكلمات، أما الذين يميلون إلى تغيير الحروف العربية واستخدام الحروف اللاتينية بدلها فاتهم ما ذكرناه سابقاً من أن الآداب والعلوم العربية كتبت منذ أكثر من ألف عام بهذه الحروف، وليس من السهل إعادة طبعها كلها بالحروف اللاتينية سواءً في دولة أم في سائر الدول التي كُتبت آدابها وعلومها بالحروف العربية على أننا لو هجرنا الحروف العربية، إلى حروف تخالفها لنسي العرب والمسلمون الآداب والعلوم القديمة، كما نسيت آداب اللغة [الهيمروغليفية] وغيرها من آداب اللغات الأخرى التي لا يستخدم الناس حروفها الآن، ولأصبح بيننا وبين أجدادنا سد منيع يعانيه الأجيال المقبلة، وأصبح بينا وبين هذه الآداب حلقة مفقودة.