ترددتُ كثيراً في كتابة هذا المقال لولا أن الزميل رئيس التحرير الأُستاذ تركي السديري سألني عن علاقتي بالمهندس صالح الكعيد الذي تحدّث عنه زميلي الكاتب القدير عبدالعزيز بن أحمد السويّد في جريدة الحياة قُلتُ له بأنهُ شقيقي الأصغر الذي نذر نفسهُ لمرافقة المرحوم الفنان حمد الطيار ليس في محنته الأخيرة حين أصيب بمرض السرطان بل كان معه في مواقف الشدّة وخصوصاً في حالاته الصعبة حيث تعرّض رحمه الله لمتاعب صحيّة متعددة خلال العشرين سنة الماضية من حياته ، ولم أكن أود الكتابة عن شقيقي المهندس صالح لولا سؤال رئيس التحرير فقلتُ في نفسي لمَ لا ؟؟ ألا يستحق هذا الانسان الذي بذل من وقته وماله وعلاقاته الاجتماعية الكثير من أجل صديقه أن نذكرهُ بالخير حتى يكون قدوة للشباب في علاقاتهم وصداقاتهم فليس الصديق هو الذي نخرج ونتسامر معهُ ثم لو حدث منهُ ما يُزعجنا نتناساه..ونُنكر كل المواقف التي مرّت معه فهل هذا هو مفهوم الصداقة؟؟ عرفتُ الفقيد الفنان الشعبي حمد الطيّار قبل أن يعرفهُ شقيقي صالح وكانت لي معهُ مواقف كثيرة أهمها ذلك اللقاء الذي أجرتهُ معهُ هذه الجريدة في منزلي بحيّ الملزّ بالعاصمة الرياض بداية الثمانينيات الميلادية من القرن المنصرم وكان اللقاء الأهم في حياته حين نشرتْ (الرياض) رؤيته للفن الشعبي على صفحتين وقت كانت تصدر صفحات الثقافة والفن في قلب هذه الصحيفة بلونٍ مُختلف عن بقيّة الصفحات . كثيرة هي الذكريات مع المرحوم الفنان حمد الطيار ، أعود إلى وفاء أخي صالح فأذكر حكاية قد لا يعرفها إلاّ القلّة ممن لهم علاقة بحمد وصالح حين زرت أخي أبو المهند في أحد الأيام حيث كان المرحوم بإذن الله يقطن في استراحة أخي فوجدتهُ قد حلق شعرهُ على (الزيرو) كما يقول إخوتنا في مصر سألتهُ لماذا ؟؟ قال تضامناً مع حبيبنا حمد الطيار الذي فقد شعرهُ بسبب العلاج الكيماوي عرفتُ عندها مقدار الحُب الذي يحملهُ قلب هذا الانسان . هل توقف العطاء بعد دفن المرحوم في قبرهٍ ؟؟ لا ، بل بدأتْ مسيرة أُخرى لا أستطيع الحديث عنها لأن أخي صالح بن إبراهيم الكعيد حلف عليّ بأن لا أقول غير ما قُلت . لكنّهُ يأمل من أهل الخير الكثير فلا زالت الدنيا مُشرقة بالقلوب التي تُصغي لآلام البسطاء.