إنها ذراع ذات خصائص صناعية وطبيعية شبيهة بأداة التوصيل تلك التي من شأنها أن تفتح نافذة أمل جديدة لمن أصيبوا بالشلل أو من تعرضت أطرافهم للبتر – وهو طرف صناعي ميكانيكي يتم التحكم فيه عن طريق الأفكار فقط؛ وهو مزود بمنكب ومرفق كاملي الحركة بالإضافة إلى اداة قبض حساسة تحاكي يد الإنسان. ويرتبط الطرف الصناعي بشريحة مصغرة مزروعة في المخ وموصلة مع الطرف عن طريق وحدة استشعار مركبة فيه؛ حيث تقوم تلك الوحدة بقراءة الإشارات ثم تستجيب لها آنياً. ويتحدث عن هذا الطرف البروفسور كيفن وارويك أستاذ علم شبكات الضبط والبرمجة (السبرانية) بجامعة ريدنغ ورائد هذه التقنية الجديدة المثيرة قائلاً عنها: "إنها تنطوي على احتمال إحداث تغيير جوهري وجذري في حياة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة كما أنها تمثل ثورة في طريقة التعامل مع من لديهم إصابات في العمود الفقري."وقد تمكن الباحثون من إجراء تجارب ناجحة على هذا الجهاز باستخدامه مع قرود لفترات زمنية جاءت نتائجها مبشرة وجيدة وها هم الآن يعطون الضوء الأخضر لتجريبه على بني البشر؛ حيث يأمل الخبراء في أن تفضي التجارب والاختبارات إلى تجويد التقنية الجديدة بحيث تتصف بمزيد من الإتقان لمساعدة من يعانون من إصابات في العمود الفقري أو من بترت أطرافهم أو ضحايا السكتة الدماغية أو الذبحة الصدرية. وقد أردف البروفسور كيفن يقول: "إن هذه التقنية مثيرة للغاية عطفاً على ما تتمتع به من قدرات؛ كما أن من شأن التجارب الجديدة أن تفضي إلى التمكين من المزيد من الإتقان لتلك التقنية على صعيد التطبيق العملي على أرض الواقع وأنا أتطلع بشغف إلى نتائجها." يشار إلى أن التقنية التي أطلق عليها مسمى "بوابة العقل (BrainGate)" في عام 2001م قد تم تطويرها من قبل جون دونوغو رئيس برنامج علوم العقل بجامعة براون بالولاياتالمتحدةالأمريكية. وبعبارات مبسطة، فإن هذه التقنية عبارة عن شريحة كمبيوتر في حجم الشعرة من حيث الدقة؛ ويتم زرعها في مخ الإنسان حيث تقوم برصد وحدات استشعار الحركة أو الخلايا العصبية (neurons) وترسل إشارة إلى أي جهاز خارجي سواء كان ذراعاً آلياً أو مؤشرة حاسب آلي أو كرسياً متحركاً. وفي عام 2002م، اصبح البروفسور كيفن وارويك، والذي يعد على نطاق واسع الخبير الرائد على مستوى العالم في مجال علوم شبكات البرمجة والضبط، أول شخص يثبت الفائدة العملية والتطبيقية لتلك التقنية بالدليل والبرهان. لقد قام البروفيسور كيفن بزراعة شريحة في جهازه العصبي وتمكن من التحكم في ذراع آلي قام بتطويره زميله الدكتور بيتر كايبرد مستخدماً قوة الأفكار بمفردها. وبعد عامين، شارك الأمريكي ماثيو ناجل في تجربة عيادية وسريرية بعدما أصيب بشلل رباعي إثر تعرضه للطعن. فقد تمكن ماثيو من التحكم في فأرة حاسب آلي مما مكنه من استعراض بريده الالكتروني وتغيير محطات القنوات الفضائية والرسم. الذراع الآلية تطعم قرداً وكان ماثيو الذي توفي في عام 2007م قد تم تزويده بتلك التقنية لمدة 12 شهراً ووصف النتائج بأنها خرافية. وتحدث وقتها قائلاً: "لا يمكنني أن أصفها بالكلمات. فقد كنت أقول للمؤشرة: "اذهبي إلى الزاوية اليمنى العليا" فتفعل ذلك. مما منحني شعوراً بالاستقلال والاعتماد على النفس" وقد أثبتت التجارب التي أجريت على القردة أنه أصبح بإمكان كل منها تغذية نفسه بالذراع مستخدماً القوة العقلية فقط. وتمكن قردان بترت ذراعاهما من استخدام الذراعين الصناعيين حيث أصبح بمقدور كل قرد إطعام نفسه بنفسه كما أصبح بمقدوره تغيير السرعة والاتجاه لكل من الذراع والماسك حسب رغبته حيث كانت الحركة انسيابية وطبيعية. أما الدكتور أندرو كوارتز رئيس الباحثين الذين أجروا الدراسة، وهو من كلية الطب في جامعة بيتسبورغ، فقد تحدث وقتها فقال: "كلما عرفنا المزيد عن المخ، سنكون أكثر قدرةً على التعامل مع تشكيلة واسعة من الاضطرابات العقلية بشتى ضروبها بدءاً من داء باركنسون (الشلل الارتعاشي) والشلل وانتهاءً بداء الزهايمر وربما حتى الأمراض العقلية." يشار إلى أن حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية وافقت حالياً على السماح بإجراء عشر محاولات أخرى على البشر ومن المقرر أن تبدأ تلك المحاولات التجريبية في القريب العاجل. أما الدكتور دونوغو مخترع تقنية بوابة العقل، فهو حالياً بصدد البحث عن عشرة متطوعين للمشاركة في اختبارات "النظام العصبي البيني لتقنية بوابة العقل رقم 2". وقد قال البروفيسور كيفن إنه قد يستغرق الأمر عدة سنوات حتى تصبح تقنية بوابة العقل أو الذراع الآلي متوفرة على نطاق واسع. وأردف بقوله: "إن الهدف يتمثل في صنع جهاز صناعي للمصابين بالشلل التام. إننا نسير بالفعل على الطريق الصحيح ولكن لا يزال هنالك الكثير الذي ينبغي القيام به. والأمل يحدونا في أن تفضي تلك التجارب الجديدة إلى مساعدتنا في هذا المشوار".