كنت في زيارة لوالد صديق تعرض لوعكة صحية ويقيم في إحدى مستشفيات الرياض، فإذا بكل من في الغرفة يفاجأ بدخول أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بهيبته ووقاره محيياً الجميع ومداعباً العم المريض بعبارات تفيض وداً وصدقاً، وخلال نحو نصف ساعة قضاها سموه في الزيارة لم يشعر أي من في الغرفة أننا في معية ذلك الرجل الأمير الأسطورة، بل وكأننا كنا في صحبة والد حنون أو خال رقيق أو صديق صدوق! عندها عرفت بعضاً من جوانب السر الذي يجعل من سلمان الحاكم معشوق الرياض وسكانها.. فالرجل – لأنّ الألقاب لن تضيف له شيئاً – الذي استأثر بسمات متفردة سمعتها مراراً من والدي، كالحكمة، والحزم، واحترام الوقت، والذاكرة الحديدية، والإدارة الواعية، وحب القراءة والعلم، وتقدير الأدباء والمثقفين، والتنظيم والدقة، والقدرة على الإقناع، وعمل الخير، والعلاقات العريضة، بدءاً من قادة وحكام، وصولاً إلى مواطنين في كافة ربوع المملكة – ذلك الرجل أبى إلاّ أن يعلمنا درساً جديداً في السمات التي يجب أن يتحلى بها الرجال دوماً – ألا وهي الوفاء!! فقد نجح الرجل في أن يلوي أعناق الرجال إلى موقفه خلال العارض الصحي الذي ألم بشقيقه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، مقدماً لنا ولأجيالنا القادمة نموذجاً وقدوة في وفاء الأخ لأخيه، والأصغر للأكبر، والمواطن لقيادته، وأكاد أن أجزم أنّه لم يخلُ مجلساً تناول العارض الصحي لولي العهد من الحديث عن نبل الأمير سلمان وموقفه المتفرد!! وأجد نفسي أسترجع بعض المواقف لأميرنا النبيل تؤكد لنا أنّ الوفاء هو بعض من شيم جُبل عليها الرجل على مدى عمره المديد بمشيئة الله، ولعلّ إحداها ما ذكرته عن زيارة سموه للعم المريض دون مواكب أو تشريفات أو كاميرات، وفاء يتجسد فيما يحظى به كبار السن من تقدير في مجلس سموه أسبوعياً، أو ذلك الذي نتابعه في تكريمه لكل من خدم هذا الوطن أو ساهم في إعلاء رايته في مرحلة التوحيد، وهو وفاء يتجاوز الأشخاص إلى ما يمثله هؤلاء الأشخاص ويرمزون إليه، فوفاؤه للرجال الذين خدموا البلاد وساهموا في بنائها ونهضتها ورقيها على مر العصور هو وفاء للوطن وما يمثله في قرارة النفس من محبة وولاء، هذا إلى جانب ما عُرف عنه من وفاء لأهل الفكر والثقافة ورجال العمل الخيري، وهو وفاء للمجتمع بأسره. أما الوفاء بأبعاده الإنسانية فقد جسده أميرنا بأروع صورة في رفقته لسمو ولي العهد على مدى أكثر من عام ليكون بجوار شقيقه عضداً في مواجهة رحلة صعبة يحتاج فيها الإنسان لمن يقوي عزيمته، فأحيانا يقسو المرض على الإنسان وتشتد آلامه فلا شيء يعينه على مواجهته غير وفاء الأحبة والتفافهم حوله. إنّ فرحتنا بعودة سلطان الخير الذي عوفي المجد والكرم إذا عوفي، تتوج فخرنا بسلمان الوفاء ذلك الرجل الذي حفر اسمه وشيمه في قلوبنا. * مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية