قيل إن أفضل خصلة يجب أن يتعلمها من يريد العمل مع الأمير سلمان بن عبد العزيز هي الوفاء، وهو تأكيد لما يحمله «هذا الرجل» من وفاء تشبع به منهجاً وسبيلاً، حتى صار ملازماً له في كل صغيرة وكبيرة من تفاصيل حياته، والصورة نتذكرها اليوم ونحن نودع الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- حيث يأبى «سلمان الأخ» إلا أن يسطر لنا أروع معاني الوفاء والأخوة الحقة بمرافقته لشقيقه طوال فترة علاجه، حتى وفاته -رحمه الله. إن الحديث عن «الأمير سلطان» ومرارة رحيله «مؤلمة جداً» لمحبيه، فما يكنه الناس من حب كبير «للراحل» والحزن البادي على وجوه السعوديين اليوم، هو نتاج سجل حافل وكبير من العطاء والمواقف الشهمة مع كل محتاج ومعوز, لم يكن «الأمير سلطان» يوماً بخيلاً أو مقصراً -لا سمح الله- بل كان باذلاً معطاءً «وفياً لمليكه وشعبه» وكان مؤسسة خيرية متحركة كما وصفه الأمير سلمان, فالسعوديون وهم يعزون بعضهم البعض, في فقدان «أب وأخ كبير» وقائد، يتذكرون تلك المواقف الطيبة والنبيلة التي تربت أجيال تعقب أجيالاً على حفظها وتقديرها لشخصية الأمير سلطان -رحمه الله- ومواقفه النبيلة. لم يكن مستغرباً وفاء «الأمير سلمان», ووقوفه بجانب أخيه طوال فترة حياته ومرضه، فقد كان وفياً لكل إخوته «الملوك والأمراء» السابقين من قبله، وهي صورة تتكرر لتتعلم منها الأجيال معنى «الأخوة الصادقة» بكل مقاصدها الجميلة، وهي «درس» يجب أن يكون له وقع في نفس «المواطن العادي», وملهم له في تعامله مع أهله والمحيطين به, وهي من صفات المسلم الحقيقي. برحيل الأمير سلطان -رحمه الله- فقدنا واحداً من أولئك القلائل الذين صنعوا المجد وساهموا في بناء أمتهم، ففي حين كانت «الأمم الأخرى» تعيش «وتئن» تحت ويلات «ظلم الطغاة» والمتاجرين بقضايا شعوبهم، وبطشهم، وظلمهم، لم يعرفك أبناؤك يا سلطان إلا بالخير العميم، فقد كنت السباق لعلاج كل المريض، ومسح دمعة كل يتيم، ومساندة المضيوم، وهو الخير الذي ستجده أمامك عملاً صالحاً صادقاً، بدعوات هؤلاء المساكين, والضعفاء. رحمك الله يا «سلطان الخير»، لحظات وداعك دروس وعبر، تؤكد أن من يزرع الخير يحصد الخير وأن من يقدم الخير يجده أمامه خيراً ونعيماً وسلاماً من رب رحيم، فوفاؤك لشعبك وأمتك أبدله الله لك، بوفاء أخيك وشقيقك ووقوفه إلى جوارك طوال فترة حياتك، كخير عضيد وخير سند. إنها دروس يكتبها قادتنا أمام «أعيننا» تاريخاً نتعلمه ونعلمه لأجيالنا, وهي الحقيقة الراسخة التي ارتبطت بالأسرة الحاكمة لتمدد وفاءً وحباً لكل أبناء الشعب. وعلى دروب الخير نلتقي.