ظهر المطرب سعد جمعة في بداية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي مع مجموعة من المطربين الشعبيين أمثال عبدالرحمن النخيلان وبدر الحبيش وسعد النخيلان ومزعل فرحان, وقادت هذه الكوكبة جميع الحفلات الغنائية الكبيرة المقامة في الرياض, ولكن سعد جمعة اختلف عن زملائه بمقدرته الفائقة على التنوع في الأداء وجمال الصوت, وقدم طوال مسيرته العديد من الأعمال التي حجزت مكانها في الذاكرة الشعبية مثل الرائعة (قالوا تحبه) للأمير سعود بن بندر (رحمه الله) و(قالوا علامك تزور حي البديعة). سعد جمعة الذي غاب كثيراً عن الإنتاج, وقسراً على حد قوله, ظهر مؤخراً في حفلة الدوحة التي امتلأت فيها مدرجات المسرح من قبل جمهور اشتاق كثيراً لسماع صوته, ولم يجعل هذه الليلة تمر بهدوء وسلام حيث صرّح للقناة القطرية أنه المطرب الشعبي الأول في الخليج. (الرياض) التقت سعد جمعة في حوار مقتضب لتبارك له نجاح حفلته الأخيرة, ولسؤاله أيضاً عن هذا التصريح الذي ربما مسّ العديد من الفنانين, لكنه عاجلنا بقوله: "لولا جريدة (الرياض) ووقوفها معي خاصة في الفترة الأخيرة وإعادتي إعلامياً لما حضر هذا الجمهور الكبير لذا فالشكر الأول والأخير لكم أنتم".. "أما من ناحية تصريحي فهي حقيقة لابد وأن يدركها الجميع, فأنا الفنان الشعبي الأول في الخليج, رغم أن الساحة الشعبية مليئة في الوقت الحالي إلا أنني قستها من عدة نواح أهمها أني الأقدم حالياً إضافة إلى مستوى الأعمال التي قدمتها في مشواري وجماهيريتي التي ما زالت موجودة رغم قلة إنتاجي". وأضاف سعد جمعة "حالياً.. الفنان سالم الحويل معتزل.. وسلامة العبدالله وفهد بن سعيد وحمد الطيار انتقلوا إلى رحمه الله.. وعبدالرحمن النخيلان معتزل أيضاً وبدر الحبيش متوقف, لذا أنا الأقدم حالياً في الساحة, وزعامة الساحة الشعبية تحتاج إلى معايير فنية وتاريخية أرى أنها توفرت فيّ, ولا أدري لماذا يغضب الآخرون من هذه الحقيقة, وإذا عاد المعتزلون إلى نشاطهم الفني فثق بأني أول من يعيد ترتيب التصنيف من جديد". أما عن سبب ابتعاده عن الإنتاج وإصدار الألبومات واتهامه لأشخاص يعملون في الشركة المنتجة لأعماله, وهي "الأوتار الذهبية", بتعطيل مسيرته الفنية, قال سعد جمعة: "أنا لا أتهم أشخاصاً بعينهم بل الشركة ككل ونظام عملها, لأنها عطلت إنتاجي لسنوات طويلة, حيث تعاقدت معي على ثلاثة تقديم ألبومات لم يُطرح أولها إلا بعد سبع سنوات, حتى أنها لم تتكلف بعمل الإعلانات أو التصوير أو عقد المؤتمرات الصحفية التي أقامت مثلها لفنانين آخرين". مع مزعل فرحان في حفلته الأخيرة في الدوحة ويضيف جمعة "وأنا بحكم علاقتي مع القائمين عليها لم أصرح ضد أي شخص بذاته, لأني أحترم الجميع, إنما كانت كل تصاريحي عن تعامل الشركة معي, فهي مع غيرها من الشركات ذبحوني فنياً ومن الوريد للوريد, ولولا هذه الدعوات التي تأتيني من دول الخليج وخاصة قطر وإلا لكنتُ قد انتهيت منذ زمن بعيد". وعن المنافسة في الوقت الحالي, قال جمعة: "اختلفت عن الماضي فالمنافسة الآن هي منافسة تلفزيونية حيث تصور الكليبات ويظهر الفنان في البرامج التلفزيونية ومنها يستطيع أن يكون موجوداً ومعروفاً في العالم العربي كله, وهو ما اختلف عن الماضي حيث كنا نتنافس في الأعمال التي نقدمها من حيث الكلمات والألحان وكنا نغنيها مجاناً في أغلب الأحيان في الحفلات العفوية التي تقام في مدينة الرياض في تلك الفترة". فهد بن سعيد ويتذكر سعد جمعة موقفاً جميلاً حصل له مع الفنان الراحل فهد بن سعيد في واحدة من هذه الحفلات "حينها كان الهلال يحتفل بإحدى البطولات في منتصف الثمانينيات الميلادية.. وقبيل صعودي لمنصة المسرح قال لي فهد بن سعيد إن مشاركتي جاءت بالواسطة, وهي لاشك مداعبة لطيفة منه, لأني قلت قبلها إن الفنان الأول والأفضل هو الذي سيغني في الحفلات الكبرى, وهذا جانب من المنافسة الشريفة التي كانت بيننا, وهي تختلف بالطبع عن المنافسة في الوقت الحالي التي شحنت الفنانين وأبعدتهم عن بعضهم البعض". وأكد جمعة في حديثه ل(الرياض) بأن أشد ما يحزنه هو أن يرى هذا التهميش للفنانين الشعبيين وكأنهم ارتكبوا ذنباً حينما يقدمون الفن بأصالته وعمقه الفني "والمؤلم أن أعمالنا هي من صميم الناس ومع ذلك يتجاهلنا الإعلام المرئي الذي انشغل بالبحث عن الكليبات الدخيلة على عاداتنا وتقاليدنا".