هل سيختفي التمثيل كمهنة ويصبح النجوم ومواقع التصوير في خبر كان؟ بدون شك فات الجواب على هذا السؤال (حيث تجاوزته ألف نعم) !! فالكمبيوتر يمكنه حاليا تنفيذ الأفلام وتركيب الشخصيات وخلق مشاهد الحركة والعنف ووو بشكل جزئي أو كامل.. وشيئاً فشيئاً بدأت مهمة الإخراج تنتقل من المخرجين التقليديين إلى خبراء البرمجة والمحاكاة وتنفيذ المشاهد على شاشة الكمبيوتر!! فحتى سنوات قليلة مضت كان ينبغي تفجير (صهريج بترول حقيقي) ان تطلب السيناريو ذلك، أما اليوم فلا داعي لمثل هذه الحماقات طالما يستطيع الكمبيوتر تنفيذ المطلوب بدقة تفوق الواقع !! وفي الحقيقة تفجير "صهريج بترول" أمر سهل مقارنة بعناصر لايمكن إيجادها أو مشاهد يستحيل تصويرها وبالتالي يصبح الكمبيوتر خيارا وحيدا وضرورة لايمكن تجاهلها (كمشاهد الديناصورات المنقرضة أو تفجير هيروشيما الذري أو حتى إعادة ممثل مات في منتصف الفيلم)!! وهذه الأيام أصبح من المعتاد المزج بين مواهب الممثلين وقدرة البرمجيات على تنفيذ المشاهد الصعبة والمميزة (كما في فيلم ال300 محارب أو سلسلة هاري بوتر) .. والمدهش أن مجرد استيعاب الكمبيوتر لمواهب الممثلين وحركات الجسم البشري أتاح لها الاستقلالية في اللقطات والأفلام التالية (وخلق فرعا جديدا لإنتاج أفلام كاملة لا يشارك فيها ممثل بشري واحد).. وإنجاز كهذا يعد نقلة نوعية لصناعة أصبحت اليوم ذات مفهوم عالمي شامل تؤثر في نسيج وثقافات الشعوب الأخرى.. وفي ذاكرتي الشخصية نماذج كثيرة لأفلام قام الكمبيوتر بتنفيذ أهم أو معظم المشاهد فيها بعد أن صعب تصويرها أو إنتاجها بالطرق التقليدية : ففي فيلم الحديقة الجيروسية مثلا (للمخرج ستيفن ستلبرج) قام الكمبيوتر بتركيب مشاهد الديناصورات المنقرضة بشكل مقنع ومميز اعتبره النقاد منعطفاً في تاريخ السينما!! وفي فيلم فورست جمب أتاح الكمبيوتر تركيب لقطة فريدة (فازت بأوسكار المؤثرات الخاصة) ظهر فيها الممثل توم هانجز يصافح الرئيس المتوفى جون كينيدي!! وفي فيلم (300 محارب) شكل الكمبيوتر مزيجاً محيراً ومبالغاً فيه بين مهارات (وعضلات) جنود اسبارطة وجنود (ووحوش) الامبراطورية الفارسية الغازية !! أما فيلم "جومانجي" فتعتمد قصته على حيوانات بالغة الضخامة تغزو إحدى المدن وتعيث بها خراباً.. وبالطبع لم يكن هناك حيوانات متوحشة ولامدن مدمرة بل مجرد مبرمج مخبول يجلس أمام الكمبيوتر لأيام! وفي سلسلة الترمنيتور توجد لقطات كثيرة لرجل آلي يتحول من هيئة لأخرى كتحوله لرجل بوليس أو ربة البيت أو حتى بساط المستشفى وكل ذلك بتدرج لا تلحظه عين المشاهد!! وفي فيلم "الدكتور نووا" نفذ الكمبيوتر حركات كثيرة وغير مسبوقة لحيوانات هجينة ومشوهة (تلاعب بمورثاتها الطبيب المخبول) بصورة لم يكن بالإمكان تنفيذها بأجمل مما ظهرت في الفيلم !! أما حكاية لعبة علاء الدين والملك الأسد والجميلة والوحش؛ فمجرد نماذج لأفلام كرتونية نفذت بأكملها داخل الكمبيوتر واقتصر دور الممثلين فيها على أداء الحوارات الصوتية (والعجيب أنها جميعها حققت أرباحا تفوق الأفلام التقليدية المنتجة بنفس السنة)!! وما أتوقعه مستقبلا هو الاكتفاء برأس الممثل لتركيبه على أجساد وهيئات إلكترونية تؤدي كافة المشاهد (في حين سيبقى الممثل في بيته ويأخذ أجرا على استعارة ملامح وجهه فقط).. وبطبيعة الحال أفلام كهذه ستكون حينها على مسافة تقنية شاسعة من أفلام "الهز والوز" و "سلملي على الباذنجان"...