أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعياً فضيلته إلى الاهتمام بالأمانة وما تحتويه من معانٍ في تحمل المسؤولية ومخافة الله ومحذراً من انقلاب المفاهيم وعدم التمييز بين الخائن والأمين وقال في خطبة الجمعة يوم أمس في المسجد الحرام أين العاقل الذي يرى فلاحة يمنه ثم يسلك ذات الشمال ومن هو هذا الذي لم يفلح أو يحدث نفسه بالفلاح فإما يكون جاهلاً لم يفقه أو مريضاً لم ينقه وكلاهما أمران علقم . وبين فضيلته أن مطلب الفلاح أمر فطري وغريزي جاءت به الشريعة الغراء مؤيدة له ومحرضة على تحصيله تحصيلا حثيثاً . وقال فضيلتة إن من أنواع الفلاح ماكان سببه متعدياً لا قاصراً وأن ذلك يتم عن طريق الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا وأضاف فضيلته أن الأمانة العظمى بمفهومها الواسع الذي أراده الله لها وأراده رسوله صلى الله عليه وسلم وهي ضد الخيانة بمفهومها الواسع الذي نهى الله ورسوله عنها لتكون الأمانة في كل مافرضه الله على العباد في الدين والأعراض والأموال والعقول والأنفس والمعارف والعلوم والولاية والحكم والشهادة والقضاء والأسرار والحواس الخمس ونحو ذلك . وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أنه لايمكن أن يكون الأمين أميناً إلا إذا كان عافاً عما كان ليس له به حق مؤدياً ماكان يجب عليه من حق لغيره حريصاً على ما استؤمن عليه غير مفرط فيه . مشيراً أنه من اجتمعت به هذه الركائز فهو في دائرة المفلحين مضيفاً إلى أن الأمانة لم تكن بدعاً من التشريع الإسلامي المحمدي فحسب بل هي أبرز أخلاق الرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام مبيناً أن الكثيرين من الناس قصر مفهومهم على معنى الأمانة وحفظوها في معنى الودائع المالية والمادية وحسب وضيقوا بهذا الفهم الواسع في حين أنها ليست إلا لوناً من ألوان الأمانة التي تتعدد وتتجدد فالقيام بواجب الأمانة وترك المنهي هو أمانة والأمر بالمعروف أيضاً أمانة والنهي عن المنكر أمانة والحكم أمانة ورعاية حقوق الأمة أمانة والعلم أمانة وحماية الدين والذب عن حياضه أمانة وصيانة ارض الوطن المسلم أمانة وحماية ممتلكات المجتمع أمانة . فكل أمانة من هذه الأمانات تحقق إقامة مصلحتها وعدم خذلان الأمة فيها . وأشار فضيلته انه إذا نظرنا إلى كلمة الأمانة فإننا سنجد فيها معنى الأمان والاطمئنان فكأن الأمن والطمأنينة والراحة والاستقرار مرهونة بتحقيق الأمانة على وجهها الصحيح فلا يمكن أن يأمن ظالم ولا يهدأ عاصٍ ولا يسعد خوّان ولا يفلح منافق ولا يصل متلف . وبعث إمام وخطيب المسجد الحرام رسالة إلى كل من تولى مصلحة من مصالح المسلمين وذلك من خلال ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم للوظائف بالأمانات فطلب من ذوي القوة والإحسان فيها والتيقظ لها ونصح الضعفاء عن طلبها والتعرض لها فقد سأله أبو ذر رضي الله عنه أن يستعمله فضرب بيده على منكبه وقال:يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها . وبين فضيلته أن القوة في هذا الحديث هي حسن الإدارة الموصوفة بالحزم والحكمة والإجادة مشيراً أن الضعف عيب في تحمل المسؤولية وأننا نشاهد في كل عصر ومصر من توكل إليه المسؤولية وهو طيب في نفسه ومؤمن بربه وحسن بعبادته ولكنه لا يفعل خيراً في مسؤوليته ولا يحجز شراً هكذا سبهللا . وترى من تحت مسؤوليته فوضى، فمثل هذا لم يدرك أن وظيفته عقد بينه وبين ولي الأمر أو أي مؤسسة للقيام بعمل محدود مقابل عوض منصوص فمن فرط في مثل هذا الواجب فهو من لم ينفعه إيمانه في أداء واجبه وقال كيف يرضى المؤمن بالغش والخيانة أو التقصير فيما استأمنه عليه ولي الأمر من مصالح العباد وحاجاتهم . وأكد الشيخ سعود الشريم أن الوظائف كبيرها وصغيرها ليست وسيلة للترفع أو الترفيه إنما هي كيان دولة وضمان مجتمع وحاضر أمة ومستقبلها ومن ولاه ولي أمر المسلمين على عمل فضيع فيه فهو خائن .. فهو خائن .. فهو خائن .. لولي الأمر وللمجتمع بأسره واضاف أن الخائن للأمانة يعد من المنافقين " النفاق العملي " لقوله صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان ). وحذر إمام وخطيب المسجد الحرام من انقلاب المفاهيم وعدم التمييز بين الخائن والأمين مشيراً أن زماننا هذا إنما هو ميدان ترامت فيه الأهواء وقلبت فيه الحقائق فيستر على الخائن ويضيق على الأمين بسبب مفاهيم مغلوطة ومقدمات مظللة .