هطلت الرسائل الالكترونية تحوي مقاطع فيديو وصور متنوعة ومقالات وتقارير نشرت في الصحف والانترنت وتم تبادلها ونشرها عبر المواقع الالكترونية لمأساة سيول جدة، وقد وردني عدة رسائل من أصدقاء وزملاء ومجموعات بريدية مختلفة بعضها لا أعرفها، وهذه المرة زادت وتيرة الهجوم على المتسببين في الكارثة وأصبح الهجوم أكثر ضراوة مما اعتدنا عليه ومنها ما نشر في الصحف أو عرض في الوسائل الإعلامية الرسمية، احدى الرسائل الالكترونية التي وصلتني يضم قائمة المناقصات التي منحت لشخص اخذ نصيب الأسد من مشروعات تنفيذ شبكات تصريف مياه الأمطار في جدة وهذه مصيبة أن كانت المعلومات صحيحة وهو غير كفء. لابد من التأكد من أهلية من يحصل على عقود العمل في مثل هذه المشاريع ومدى التزامه من عدمه، والحكم في مثل هذه القضية سيكون من اختصاص اللجنة المكلفة للتحقيق في أسباب كارثة جدة وما نتج عنها من ضحايا بشرية وخسائر في الممتلكات للمواطنين والمقيمين ولابد أن تكون مثل هذه المعلومات وغيرها قد وصلت إلى هذه اللجنة لأنها منتشرة في المواقع الالكترونية والمنتديات. مثل هذه الأزمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة مهما اختلف شكلها وزمانها ومكانها وستتكرر ما لم يكن هناك ردع ومحاسبة لكل المقصرين والمتخاذلين والفاسدين وهذا مانأمله ونتوقعه في المرحلة المقبلة. لقد شهدنا الكثير من الأزمات والتجارب السلبية والتي نتج عنها أضرارا كثيرة خسرنا فيها الأموال والموارد وبعضها خسائر بالأرواح، حتى الشباب المخلصين الذين حوربوا في قطاعاتهم بسبب الفساد المالي والإداري في القطاعين العام والخاص. السوق العقاري مر بأزمات المساهمات المتعثرة والوهمية ومعظمها لم يصفى حتى الآن وضحاياها بالألوف من الفقراء والمساكين والأرامل والذين يتجرعون مرارة سلب أموالهم سنة بعد أخرى على أمل أن تعود لهم وبعضهم انتقل إلى رحمة الله – وهو من ضحايا كارثة المساهمات العقارية- بينما بعض القائمين على هذه المساهمات لازالوا أحرارا وبعضهم يعيش على هذه الأموال حياة البذخ والإسراف. الحاجة إلى كشف المتلاعبين والمرتشين واللصوص والإبلاغ عنهم باتت مطلبا ملحا، ومحاسبتهم وردعهم والتشهير بهم أصبح أكثر الحاحا وهذا سيعيد الأمور إلى نصابها وسيردع كل من تسول له نفسه الإقدام على مثل هذه الأعمال. أفضل وسيلة لكشف قضايا الاختلاس والرشوة والفساد بشكل عام هو تخصيص خطوط ساخنة هاتفية وإلكترونية للإبلاغ عن حالات الفساد بأنواعها ولنبدأ بالقطاعات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين، مع وضع الضوابط التي تنظم هذه العملية وتحفظ كافة الحقوق لجميع الأطراف ولاشك سيكون هناك شكاوى كيدية، ولكنها ستكون محدودة وسيسهل اكتشافها. لقد مللنا التودد واستعطاف بعض الموظفين والمسئولين في القطاعات العامة والبحث عن واسطات أو معقبين – مخلصجية – من اجل استخراج فسح أو ترخيص أو سجل تجاري أو إيصال خدمة كهرباء وماء، مع أنهم يعملون في قطاعات يفترض بها أن تقدم الخدمة بأسرع وقت وأفضل نتيجة. وبقدر ما هنالك من فاسدين نتمنى زوالهم إلا أن هناك الكثير من أبناء الوطن المخلصين الذين قاوموا وصبروا ومثل هذه الكارثة ستبرزهم وسينالون ما يستحقون ما دام الحق يعلو ولا يعلى عليه.