لله در من قال رب ضارة نافعة، لأول مرة في تاريخ وطني الحبيب تلقى المسؤولية على «الفساد»، مرت بلادنا بكوارث عدة كتبت الصحف عنها كل ما يمكن كتابته وعجزت عن كتابة كلمة واحدة فقط وهي كلمة «فساد»، كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حول كارثة سيول مدينة جدة قالت الحقيقة بحذافيرها دون زيادة ونقصان وسمت الأشياء بأسمائها، لتشكل لجنة عليا تبحث عن «الفساد» الذي أدى إلى هذه الكارثة التي ما كان يجب أن تحدث بهذه السطوة لو كان الفساد أقل. لا نريد أن نطالب ببنية تحتية تضاهي دولة كبريطانيا التي توزع أكياس نفايات ملونة لوضع كل فئة في الكيس المخصص لها، نريد حلولا عملية تمكننا من ردم أكبر كمية من هوة السنوات الضوئية التي تبعدنا عنهم، لماذا ننتظر كارثة بحجم سيول جدة لتقوى قلوبنا على إدانة الفساد وتسميته باسمه وتشكيل لجنة للبحث عنه، لو بحثنا عن الفساد منذ عشرات السنين وسميناه باسمه لما مات المئات على طريق الجنوب الشهير ومثلهم على طريق الشمال الدولي، ولما ذهبنا ضحايا 104 مساهمات عقارية متعثرة (يسمونها متعثرة تدليعا لاسم الفساد وهروبا من إدانة أنفسهم). ماذا لو تعاطى الإعلام مع تلك المساهمات كما تعاطى خادم الحرمين الشريفين مع كارثة جدة، تخيلوا لو سمّى الإعلام أول تلك المساهمات بالمساهمة العقارية الفاسدة لما تكررت 104 مرات وذهب ضحيتها آلاف مؤلفة من المواطنين الذين خسروا لقمة عيشهم، ناهيك عن من مات منهم غير قادر على توفير مال كاف للحصول على رعاية صحية جيدة، بينما أمواله يضارب بها أحد الفاسدين عبر صندوق استثماري في أحد البنوك باسم زوجته أو أحد أقاربه. لو سمينا الفساد باسمه لما بقينا حتى هذه اللحظة ونحن لا نعرف هل بيوتنا في مجرى سيل أم مجرى فساد يتمتع بوجه أنيق ويحظى بألقاب أكثر رقيا من الإصلاح، هو وطني، له خصوصية حتى في نوع فساده وضراوته. صيغة الشمري