تعمدت صحيفة هاارتس الإسرائيلية نشر تقرير وصفته (سري للغاية)، قام بصياغته قناصل دول الوحدة الأوروبية في القدس ورام الله، وذكرت الصحيفة أن هذا التقرير يوجه انتقاداً صارخاً لسياسة إسرائيل في القدسالشرقية. هذه الوثيقة الأوروبية لم تكتف بتوجيه الانتقادات الحادة لسياسة إسرائيل المتطاولة على الحق الفلسطيني في الأراضي المحتلة منذ عام 1967م وإنما أخذت تطالب بإقامة الدولة الفلسطينية على هذه الأراضي بعد إعادتها إلى أصحابها، على أن تكون القدسالشرقية عاصمة لها. لم تكتف دول الوحدة الأوروبية بتوجيه انتقادات إلى السياسة الإسرائيلية، وإنما أخذت تطالب بتقوية السلطة الفلسطينية مع إعلان احتجاج هذه الوحدة الأوروبية لموقف إسرائيل والمطالبة بفرض عقوبات عليها لممارستها العلنية للنشاط الاستيطاني فوق الأراضي التي تحتلها بكل ما في ذلك من مخالفة لكل الشرائع السماوية، ولكافة أحكام القانون الدولي العام لأن كلاهما يحرم بصورة قاطعة الاستعمار بصفة عامة والاستعمار الاستيطاني بصفة خاصة، وهذا دعا دول الوحدة الأوروبية بإنزال عقوبات صارمة على إسرائيل لتطاولها على القيم والمثل والمبادئ السائدة والمعمول بها اليوم من قبل الأسرة الدولية. أضافت صحيفة هاارتس ان التقرير الذي تقوم بنشره الآن، هو وثيقة أوروبية عالية الحساسية لكونها تعالج قضية القدسالشرقية بأسلوب عملي، وأسرعت الصحيفة (هاارتس) إلى القول: غير أن هذه الوثيقة ظلت سرية ولم يتم نشرها بشكل رسمي حتى لا تمثل موقفاً رسمياً لدول الوحدة الأوروبية، وعلى الرغم من هذا التلاعب بالمواقف أكدت صحيفة هاارتس أن التقرير الذي يمثل وثيقة أوروبية قد اكتملت صياغته في يوم الاثنين 23 نوفمبر من عامنا الحالي 2009م وتم عرضه ومناقشته في جلسة مغلقة من قبل دول الوحدة الأوروبية بعد أن طرح إلى النقاش داخل مؤسسات الوحدة الأوروبية في بروكسل العاصمة البلجيكية. ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في تعليقها على هذه الوثيقة الأوروبية التي توجه الانتقادات لإسرائيل، إنها تخشى من نشر التقرير في وسائل الإعلام نظراً للأضرار البالغة التي تترتب عليه وتمس بشكل مباشر إسرائيل نتيجة للرأي العام الأوروبي الذي سيقف مع هذه الوثيقة بكل النتائج التي تضر بإسرائيل.. ونقل عن وزير الخارجية الإسرائيلية افيجدور ليبرمان أن عرض التقرير قد ترك آثاراً سيئة.. وطلب من السويد العمل على تغيير مبادرتها وعدم اختيار القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، لأن إسرائيل تريد القدس الموحدة عاصمة لها بعد أن تصبح دولة كبرى في منطقة الشرق الأوسط. هذه الحقيقة جعلت الوثيقة الأوروبية التي يمثلها التقرير الذي قامت بنشره صحيفة هاارتس يؤكد بأن الحكومة الإسرائيلية وبلدية القدس تعملان بموجب رؤية واستراتيجية تهدفان إلى تغيير الميزان السكاني في مدينة القدس حتى يتم عزل القدسالشرقية عن الضفة الغربية.. كما يؤكد التقرير الذي يشكل الوثيقة الاوروبية ان الحكومة الاسرائيلية وبلدية القدس تقدمان المساعدة لجمعيات اليمين من أجل تحقيق السيطرة على مدينة القدس وبصفة خاصة منطقة الحرم الشريف الذي تستهدف إسرائيل هدمه وإقامة الهيكل في مكانه على الرغم من الحفريات التي قامت بها والتقارير التي قدمت لها تثبت بأن تحت الحرم الشريف لا توجد قواعد للهيكل وإن كل ما عثر عليه بنص الآثار الإسلامية والرومانية مما ينفي بشكل قاطع كل الأدلة التي تتحدث عن أن الهيكل كان في مكان الحرم القدسي الشريف. أضاف التقرير الوثيقة أن مؤسسات خاصة تعمل على امتلاك بيوت في الأحياء العربية وتحاول هدم هذه المساكن وبناء بدلاً منها مستوطنات يهودية داخل تلك الأحياء العربية، وهذا الوضع دفع التقرير الذي يمثل الوثيقة الأوروبية توجيه الانتقادات اللاذعة والحادة لبلدية القدس لأنها تنحاز إلى اليهود وتعمل على إنزال الضرر بالفلسطينيين من خلال حجب تراخيص البناء عنهم وحرمانهم من الخدمات الصحية، والتعليم، والنظافة، مما جعل الفلسطينيين في القدسالشرقية يعانون من كثير من الموبقات مثل الخلل الأمني الخطير نتيجة التوسع في بناء المستوطنات اليهودية، الذين تحرضهم السلطة على العنف والعدوان ضد المواطنين الفلسطينيين. كل هذه الحقائق جعل وزراء خارجية الوحدة الأوروبية يستعدون لاتخاذ قرار يتضمن الاعتراف بالقدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة حتى لو أعلنت من جانب واحد، وهذا يثبت رفض دول الوحدة الأوروبية الاعتراف بالقدس الموحدة، وعدم الاعتراف أيضاً بأنها عاصمة لإسرائيل، هذا الموقف الأوروبي جاء نتيجة سوء تصرف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على السلطة مما جعل خافيير سولانا المسؤول عن الشؤون الخارجية في دول الوحدة الأوروبية يعلن بأن هذه المجموعة من الدول ستطالب مجلس الأمن إصدار قرار يقضي بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، ثم يطلب من إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو من عام 1967م بما فيها مدينة القدسالشرقية، وبذلك تصبح كل المستوطنات اليهودية غير شرعية وتجبر إسرائيل على إزالتها. بادرت السويد باعتبارها الرئيس الحالي لدول الوحدة الأوروبية إلى اتخاذ موقف يقضي الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية، وأثار هذا التوجه الأوروبي استياء الحكومة الإسرائيلية التي هددت بإعلان العداء لدول الوحدة الأوروبية.. أطالب هنا بموقف عربي جماعي يؤيد التقرير الوثيقة لدول الوحدة الأوروبية لأن نتائجها ستؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية بالقدسالشرقية عاصمة لها مع تأييد عربي مطلق لدول الوحدة الأوروبية ليصدر قراراً من مجلس الأمن يؤيد الحق الفلسطيني.