أليس سؤالاً بدهياً الى حد يغيظ ؟ " أين البالوعة ".. حين تسلموا الرسومات الانشائية لنفق طريق الملك عبدالله بجدة .. ألم يتطوع احد ليسأل المصمم هذا السؤال البسيط .. طيب حين بدأت الاعمال التنفيذية وبدأ العمال والمشرفون والمهندسون ودوريات التفتيش تتحرك ألم يلفت نظر اي شخص فيهم ان هناك خطأ ما وان نفقا بهذا الحجم لا يصح ابدا ان يكون بلا وسيلة تصريف للمياه؟ طيب ... حين تسلموا المشروع وافتتحوه قالوا انه الحل الاكمل لفك اختناقات المدينة ألم يطف هذا السؤال الممعن في بداهته بذهن اي مسؤول هناك ؟ ألم تستقبل جدة امطارا ابدا ؟ ألا يعرف صغيرها قبل كبيرها ان كل مقعر حين يتلقى ماء ايا كان حجمه يحفظه ! هذا السؤال دار ولا يزال يدور في رأسي ككرة من نار منذ كارثة سيول جدة ولا اجد له اجابة مهدئة او مقنعة .. فالحدث جلل .. كبير بمعنى الكلمة ولا اعرف اذا كانت رحلة البحث عن المسؤولين عن تفاقمه وكارثية نتائجه سوف تسفر عن اسماء حقيقية واشخاص من لحم ودم تهاونوا في اداء واجبهم ام ان بعض الاكباش التي لم تذبح في العيد على وشك ان تقدم فداء لهم ولمن آزرهم ؟ اين البالوعة في نفق جدة واين مسارب تصريف المياه في شوارع عروس البحر الاحمر؟ السيول قدر لا يد للانسان فيه والضرر الناجم عنها متوقع ويحدث ويمكن تقبله باعتباره نتيجة طبيعية ، لكن من الطبيعي ايضا ان تجد السيول مسارات تقودها للبحر .. ومن الطبيعي ان يجد الناس اراضي صلبة يقفون عليها حين تميد الاراضي الطينية من تحت اقدامهم .. ومن غير الطبيعي ان تبتلع الاراضي الموحلة الطوابق الارضية للعمائر العشوائية ومن غير المقبول ان يلفظ البشر انفاسهم غرقا في سياراتهم في طرق يفترض انها معبدة وجاهزة وآمنة .. الصور القادمة من جدة اخافتني كثيرا واعتصرت قلبي واكدت لي ان ازمة بهذا الحجم تحتاج الى وقفة كبيرة .. وصرامة شديدة .. وقرارات واضحة واستعدادات غير مسبوقة .. لاحتواء ما كان وتقليل الضرر عما قد يكون .. لكن هذه الصور ايضا اعادت لذاكرتي صور نفق الموت الغارق في شبر ماء قبل عدة اعوام بالرياض وكبر السؤال حتى غطى جغرافية المملكة باكملها هل يا ترى لدينا بالوعة في كل نفق ام ان الموت يتربص بالعابرين في الانفاق ساعة المطر ؟