في وقت كان صوت الملبين لا يتجاوز مكانهم الذي هم فيه أضحى اليوم يصل للملايين عبر الإذاعات ومحطات التلفزة، وصار الذين هم خارج المشاعر يشاهدون الحجيج ويواكبون تنقلاتهم عبر المشاعر. ومع هذه التحركات داخل الأماكن المقدسة تبث الفضائيات قاطبة ودن استثناء أصوات التلبية الجماعية القائمة على لحن واحد، وطريقة تنغيمية متماثلة، لا يكاد يختلف فيها شيء من إيقاع ترديدها. وبعيداً عن مسألة جواز التلبية الجماعية أو كراهيتها - فلهذا الموضوع أهله من علماء الشريعة - فإنه قد لفت انتباهي في التلبية - سواء أكانت جماعية أم فردية - الأسلوب الأدائي لها من خلال تقسيمها إلى مقاطع على النحو التالي: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ويكاد يجمع الحجيج على هذا النمط المغلوط لغوياً وإيقاعياً بالإضافة إلى ما يحويه من تقطيع أوصال المعنى، ونظراً لأن أهل اللغة عادة ما يكونون بعيدين عن النظر في مثل هذه الأمور الشرعية لأنهم تركوها للفقهاء، ولأن كثيراً من علماء الشريعة تربى على هذا النغم التلحيني الخاطئ للتلبية استمر الخطأ على الرغم من تعاقب الأجيال، ولم يخرج من ينبه عليه أو من يدعو إلى تصحيحه. إن الطريقة السالفة الذكر في التلبية يتم فيها الوقوف على متحرك مرتين وهذا غير صحيح من الناحية اللغوية، ويتحقق فيها أيضاً إفساد الجرس الإيقاعي الذي لا أشك في أنه مقصود من الرسول صلى الله عليه وسلم، فكثير من الأدعية النبوية تراعي ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم انا عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ومن هنا فإني أدعو إلى اتباع الطريقة السليمة عند التلبية، تلك التي تسلم من الخطأ، وتراعي القواعد اللغوية، ولا غرو فالرسول صلى الله عليه وسلم أفصح الفصحاء، والخطأ جاء بسبب خلل القراءة، وغلط الفهم، ولذلك أدعو في هذا المقال إلى تصحيح الهفوة التي مرت عليها حقب من الزمن دون أن تعدل، كما آمل من الجهات المعنية التعميم على القنوات الفضائية بالتزام الأداء الصحيح للتلبية، الذي ينبغي أن يكون على النحو التالي: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك تقبل الله من الحجيج حجهم، وأنعم علينا بالمغفرة والرضوان، إنه جواد كريم. * كلية اللغة العربية - جامعة الإمام