حينما توفي الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- وهو رجل الفكر والعلم والأدب، الذي عرف الناس فضله داخل البلاد وخارجها، وعرف سيرته جل أبناء وطنه، ولم يختلف اثنان منهم على ما له من مكانة سامية في مجتمعه، اكتسبها بجهد وعرق، عمل لدينه فأخلص، وعمل لوطنه فبرز، فامتلأت صفحات الصحف بالثناء عليه ممّن عاشره ومَن عملوا معه، ومَن أفادوا من علمه وفضله، وتردد في المجالس والمساجد الدعاء له، لما يعلمه الجميع من حسن تدينه، ومن إقدامه في كل لحظة من لحظات حياته على فعل الخير، لا يشغله عنه شاغل، ولم يتوقع أحد أن يشذ الأخ عبدالعزيز محمد قاسم -ما غيره- فيرسل ضمن مجموعته البريدية ذمًّا للراحل على الصورة التي ظهر بها مقال رديء بعنوان: (الحركيون وحدث وفاة الصوفي محمد عبده يماني)، هذه المجموعة التي خصصها الأخ عبدالعزيز لكل ما يجلب الفرقة بين أبناء هذا الوطن، ويبعد عنهم شبح الألفة، فيختار من صفحات الإنترنت أردأها، ثم يعيد نشره على الناس، ويختار من الكتبة مَن عُرف بسوء العبارة، من هؤلاء الشتامين، البعيدين عن كل خُلق رفيع، وسلوك حميد، فيشذ بنشر مقالة لواحد من هؤلاء نكرة لم تعرفه ساحات العلم، وأنكرته ساحات الخير، ملأت نفسه حقدًا على الراحل الكريم وكراهية له، وما عُرف عن الراحل إلاّ المحبة لله -عز وجل-، ولرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقادته المحبتان إلى محبة الخلق، والحرص على أن يوصل الخير إليهم، ويهديهم سبله، وحتمًا مَن لا يصنع الخير، ولا يهتدي إليه، ولا يفعله يحسد أهله المداومين على فعله، لأنه حينئذٍ يشعر بالنقص الشديد، فيقوده هذا إلى أن يكرههم، فلا وسيلة له أن يمنع حب الناس لهم إلاّ أن يهذي بما هذى به مَن قاء هذا الحقد كلّه في حق فقيدنا، فقيد الوطن الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- الذي أجمع الناس على حبه، وشارك الجميع في هذا الوطن أهله، وذويه، وأصهاره، ومحبيه العزاء فيه، حتى أن قيادة الوطن بأعظم رموزها شاركت في هذا العزاء، وأثنت عليه -رحمه الله تعالى- ولكن مَن تخصص مختارًا في نشر الشر، لا يهدأ له بال حتى يسيء إلى الجميع، فلا يزال صدى مقال الغر الجاهل الذي يصدر عنه في زمن متقارب الموقف ونقيضه، والذي عنونه: (بتطورات المشروع التغريبي في السعودية)، وتناول فيه شخصيتين من أهم شخصيات الدولة والوطن، وهما الشيخ عبدالعزيز التويجري، والدكتور غازي القصيبي، وادّعى بأنهما أسّسا هذا المشروع المزعوم، وبلغت به الإساءة الحد الذي بلغ وقاحة غير معهودة ليتّهم قيادة الوطن بأنها مَن سهّلت لهما ذلك، ولمّا كان هذا الهذيان قد بلغ من السوء درجة لا يمكن قبولها، وعاتب عبدالعزيز قاسم حتى أحبابه الصامتون على ما يبثه عبر مجموعته ممّا يفرق الأمة، ويسيء إلى الوطن، على نشره هذا الهذيان، اعتذر بأنه لم يقرأ المقال قبل نشره، فكان عذرًا أقبح من فعل! وأود في هذه العجالة أن أقول للأخ عبدالعزيز إن مثل هذه الإساءات هو المسؤول الأول عنها، فما يذمك إلاّ من نقل إليك المذمة، فهو الشريك الأخطر للشتَّام الذي لا يوفر عرضَ مسلمٍ حيٍّ أو ميّتٍ، ودعوى مناصرة الدّين، أو السنّة لا تصدق على ما يكتبه هؤلاء الشاذّون فكرًا، الشتامون الطاعنون على الخلق، فهم يتوسلون إلى ذلك بما حرّم الله عز وجل من الكبائر، وأود أقول له: لن يغتال صحبك الذين تختار هذيانهم وتنشره على الناس الخير الذي زرعه الله في صدور الأخيار من أبناء هذا الوطن، وسيبقون على مر الأزمنة رموزًا للوطن، لأنهم عملوا من أجله، وصنعوا بعض مجده، وسيتوارى هو وجماعته حتمًا، ولن يبقى لهم في صفحة تاريخ الوطن ذكر، إلاّ إن كان تحذيرًا من أمثالهم، وسيبقى الدكتور محمد عبده يماني الطود الشامخ، وإن أراد نكرة الإساءة إليه بما حبا به عبدالعزيز، فأسرع دون تفكير في نشره على الناس، فالخير -سادتي- يغلب الشر أبدًا، وما انتصر شر على خير إلاّ في غفلة من الزمن، ثم يعود للخير وهجه، فيدمر الشر لا محالة، فرحمك الله أبا ياسر، كنتَ بالخير مؤمنًا، وله فاعلاً، وضربتَ به المثال للناس، فاقتدى بك الصالحون من أهل وطنك، ولا يضيرك أبدًا نقيق الضفادع. غفر الله لك، وأسكنك الجنات، وأعلى مرتبتك فيها، إنه سميع مجيب.