في الوقت الذي يشتكي فيه المعنيون بالقضاء السعودي المتميز بانتهاج الشريعة الإسلامية دستوراً من قلة أعداد القضاة وغياب الثقافة العدلية بين المترافعين وكشكولية المحاكم وعدم ما يلوح في الأفق من فجر يبشر بتفعيل التنظيم القضائي المتخصص تغيب عن المهتمين بالإصلاح القضائي لمسات يسيرة الكلفة بليغة الأثر تؤيدها الأدلة الشرعية والنظم المرعية والقواعد العقلية حيث بالنظر في أسباب تراكم القضايا وتكدسها في المحاكم هو خلق المماطلة المقيت من المدعى عليه والذي يستطيع أن يصنع مسلسلاً مملاً من المراوغة والمهزلة مع أصحاب الحقوق لتنشيف الحلوق، فبإمكان المدعى عليه أن يتهرب من التبليغ بالدعوى وموعد سماعها ، بل لا عليه أن يستخدم أسلوب الغلظة والقسوة مع محضر الخصوم المسكين الذي يمثل جهة حكومية عالية القدر والهيبة ومع ذلك يستجدى المدعى عليه وكأن مصلحته ومستقبله بين يديه ولذا فإن من أنجع أساليب القضاء على هذه المشكلة المعضلة هي اعتبار محضر الخصوم رسولا لنائب ولي الأمر الذي أوكل الإمام له سماع الخصومات والفصل فيها وهو كذلك، وبالتالي فإن أي تصرف سلبي تجاهه يستوجب تعزير فاعله ، ومثله الامتناع عن التبلغ واستلام خطاب نائب ولي الأمر ، وأعظم منه اعتبار المتخلف عن الحضور بعد التبلغ عاص لطلب المحكمة يجوز إحالته للتأديب إذ يمكنه التقدم بالعذر الشرعي لناظر الخصومة وهو المخول بقبول العذر أو رده على صاحبه بدلا من إشغال وقت المحكمة عن وقت يفترض أن تنصف فيه امرأة من سوء عشرة ، أو طفلا يطلب نفقة ، أو سجينا طال مكثه وينتظر محاكمته ، أقول ذلك حين تورعت المحاكم عن الحكم على المدعى عليه في غيابه، أو ما تفرضه القضية من لزوم حضور المدعى عليه لكون الحق لا يعرف إلا من جهته،كما أن مما يدف عجلة العدالة نحو الأمام توجه المحكمة لإلزام المحكوم عليه بسداد نفقات القضية وأتعابها في صلب إعلام الحكم لكونه ألجأ صاحب الحق على شكايته أما أن يظل الحق متساويا بذله سواء اشتكى صاحبه واستأجر من يحصل حقه من ماطله أم لم يشتك فهذا مسوغ كبير للمماطلة والتسويف والمراوغة. وعودا على بدء فوضع آلية لإحضار وإبلاغ المطلوبين للمحكمة وتشريع الجزاء الرادع للمستهترين بوقت المحكمة النفيس وتقدير أتعاب الخصومة مضافا مع الحق المدعى به يحقق نجاحا كبيرا لتسريع وصول الحقوق لأصحابها ،ويزجر المتلاعبين ، ويضطرهم لاستجداء المحقين بالإمهال قبل التوجه لأبواب المحاكم المهيبة ونحن على دعوانا في تكثير أعداد القضاة ومنحهم الحوافز المشجعة لتسريع عربة العدالة وإنصاف المظلومين... *محامٍ