أصبحت مفردات الرياضة من مفردات الحياة العامة بدون تسلل ، فالذي يلعب بين جمهوره وعلى أرضه يملك فرصة الفوز على منافسه . ولو طبقنا لغة الرياضة والسباق نحو البطولة او الريادة او التميز على السباق الأكاديمي بين الجامعات العالمية لوجدنا ان مفاهيم الرياضة تنطبق عليها الى حد ما ؛ فالجامعات التي تلعب دورا محوريا في محيطها المجتمعي تستطيع تحقيق المكاسب في ذات المجتمع. ولكن البطولة المحلية تقود في نهاية المطاف الى بطولات إقليمية ودولية . وما تحقق لجامعة الملك سعود ضمن التصنيفات العالمية من الصين الى اسبانيا الى بريطانيا ما هو الا تأكيد على نجاح خطة المدرب الوطني وإدارة فريق الريادة العالمية التي طرحها عند تسنمه دفة قيادة الجامعة . ولكن المدرب الوطني الدكتور عبدالله العثمان وذراعه اليمنى الدكتور علي الغامدي لم يخرجا بمفهوم الريادة العالمية الا بعد ان أطلقا شارة البدء عند جمهور داخلي محبط لم يعد يحلم حتى بالريادة الجامعية الإقليمية ، وعند جمهور مجتمعي داخلي بدأ بتصنيف الجامعات السعودية بالثانوية العليا . فكيف حققت جامعة الملك سعود تلك الخطوات وسط جمهور داخلي محبط ؟ الإجابة ببساطة كما نراها في صناعة الاتصال والعلاقات العامة تكمن في معرفة الجمهور جيدا والتحرك معه نحو تحقيق الهدف فجمهور جامعة الملك سعود وبقية الجامعات السعودية ليس بالجمهور العاجز علميا وإنما محبط إداريا . ويتمثل الإحباط في تطبيق أنظمة إدارية لا تمت للميدان الأكاديمي بصلة وإنما هي نتاج بيئة تنظيمية طويلة النفس وقليلة المرونة . فعلماء الاتصال يصنفون الجمهور الداخلي بناء على الأبعاد الاجتماعية او المكانية او العمرية او النفسية او الجنسية (ذكر وأنثى) او العقدية وغيرها من المؤشرات التي تقود في النهاية الى رسم ما يسمى بالملف الديموغرافي لهذا الجمهور الداخلي او حتى الخارجي فمعرفة الجمهور تعني ببساطة معرفة اللغة التي نتحدث بها معهم وحتى لا نصبح " كالمؤذن في مالطة " . اللغة المشتركة تعني تعريفا مشتركة في ما هو صواب او خطأ وما هو صحيح وما هو كاذب ما هو ريادي وما هو تقاعسي . ببساطة وبلغة أهل الاختصاص يكون للمؤسسة رؤية ورسالة وأهداف موحدة نابعة من الداخل ويعمل على تحقيقها جمهور داخلي . ومن التقسيمات الممتعة للجمهور ما قدمته باربرا ميلر في حلقاتها البحثية العالمية بعنوان " التفكير أنت على قدميك" للدلالة على قوة رسالة الخطابة ، قسمت الجمهور إلى خمس فئات : الأولى المعتمدون على الحدس والبديهة ويهتمون بالصورة الكبرى والتوجهات المستقبلية ويمثلون 10% . والثانية تمثل المفكرين الميالين للتحليل والأرقام والمنطق وثبات المواقف ويمثلون 25% . والثالثة تمثل أهل الأحاسيس والعلاقات الإنسانية وتستهويهم المعلومات الدافئة ويمثلون 25%. أما الفئة الرابعة فهم أهل الاستشعار الذين يمثلون ثقافة "هات من الآخر" وكل شيء لديهم مستعجل وعاجل جدا ويقدرون الشجاعة في اتخاذ القرار ويمثلون 35%. وتضيف لهم خامسا الفئة المتذبذبة وبنسبة ضئيلة هي 5% مع أن جماعة مع " الخيل يا شقرا" كثر . أستطيع القول ببساطة أن جامعة الملك سعود تجاوزت عقبات بعض الجمهور الداخلي بتحقيق أسس الريادة العالمية وبقى على مؤسسات المجتمع الأخرى خاصة المالية والإدارية مساعدة هذا الفريق للحفاظ على هذه الريادة ، فهي ريادة للوطن أولا والحفاظ عليها ليس من أعداء الخارج وإنما أعداء النجاح من الداخل . وأعان الله الدكتور خالد العنقري لتحقيق الريادة في بقية الجامعات السعودية تجويد مخرجات التعليم ؛ لأن الحراك التطويري في التعليم العام لن يعطيهم فرصا مستقبلية لتعليق الفشل على مخرجاته .وكلنا أمل أن نستثمر بيئة النجاح التي هيئت لنا ونستثمر في بناء شباب الوطن لأنهم جبهة نجاح داخلية ولا ننسى شبابنا في الاغتراب العلمي ورسم طريق الأمل أمامهم. فما أصاب جامعاتنا من فشل في السابق ليس صناعة خارجية او نتاج نظرية مؤامرة وإنما هو نتاج ثقافة " يداك أوكتا وفوك نفخ ". وببساطة نؤكد أن من لم يستثمر تحفيز ولاة الأمر وتسخيرهم الموارد المالية للتعليم العام او العالي نحو تحقيق أهدافنا الوطنية العلمية وتعزيز مساهمتنا الايجابية في هذه القرية الإنسانية الكونية يفوت فرصة لن تعوض ، والتاريخ دوما يقول لنا : لن يظفر بالخير أو المجد إلا من طلبه .