حذر صندوق النقد الدولي كبار المسؤولين الماليين في اقتصاديات الدول الكبرى من تكرار أخطاء أزمة الكساد العظيم وسحب إجراءات الدعم الاستثنائية قبل الأوان. وفي وثيقة أعدت لاجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في اسكتلندا أكد الصندوق هشاشة الانتعاش العالمي قائلا إنه يعتمد بدرجة كبيرة على دعم الحكومات والبنوك المركزية, مؤكدة أن أحد الدروس الرئيسة المستقاة من خبرة الأزمات المشابهة (مثل الكساد العظيم وأزمة اليابان في التسعينات) هو أن سحب اجراءات التحفيز قبل الأوان يمكن أن يكون باهظ التكلفة لاسيما إذا ظل النظام المالي عرضة للمخاطر والصدمات." وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش في تصريح ل "الرياض" إن التحفيز الحكومي يجب أن يستمر في ظل غياب الاقراض البنكي" , مطالبا الدول بالاستمرار في الانفاق حتى تتجاوز أضرار الأزمة المالية. وأكد أبو داهش أن العالم تجاوز قاع الأزمة المالية وفق عدة معطيات أهمها تحسن أرباح البنوك في الربع الثالث من العام الحالي , وتحسن المبيعات الصناعية , واستقرار أسعار المساكن وارتفاعها في بعض الدول, مضيفا بقوله , " المؤشرات تدل على أن القاع انتهى, ويجب تحفيز سوق العمل وتخفيض معدلات البطالة , وإعادة ثقة المستهلكين , وإقناع البنوك بإعداة الاقراض للمشاريع التجارية". وأكد أبو داهش أن الدول الناشئة مثل السعودية والبرازيل و كوريا ستتجاوز الأزمة أسرع من الدول الصناعية الكبرى على إعتبار أن الأزمة تتعلق بالقطاع المالي الأمريكي وطالت تأثيراتها الدول الأوروبية لأرتباطهما الوثيق أكثر من غيرها من الدول,مؤكدا أن التركيز على سوق العمل ومحاربة البطالة في القطاعين الصناعي والخدمي سيحل كثيرا من المشكلة بعد أن وصلت معدلات البطالة في الولاياتالمتحدة الى 10%. وأضاف :" متى ما تمكنت الدول الكبرى من المحافظة على معدلات البطالة دون أن تتوسع ومن ثم عملت على تحفيضها , ستعود الثقة للمستهلكين , وأشعر أن القطاع الصناعي يتحسن ولكن يحتاج التمويل الكافي من البنوك وهذا ما يحتاج التدخل الحكومي لتعزيزه". ويشعر صندوق النقد الدولي بالقلق إزاء تأخر الانتعاش في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية وإزاء كون الدول المتقدمة تعتمد أكثر من اللازم على الدعم الاستثنائي. وقالت الوثيقة "وتيرة الانتعاش غير مستقرة لاسيما في الاقتصادات المتقدمة حيث لا تزال ثقة المستهلكين ضعيفة." ويقول مسؤولون إن المقترحات المطروحة للنقاش في اسكتلندا تشمل نظاما تقوم بموجبه الدول بتقديم تصوراتها بشأن اقتصاداتها لفحصها من قبل صندوق النقد لمعرفة مدى اتساقها. وإذا لم تكن كذلك فيمكن بحث بدائل فيما بين دول مجموعة العشرين. ومن جانبه قال وزير المالية البريطاني أليستير دارلنج الذي تستضيف بلاده الاجتماع في تصريحات لرويترز إن صناع السياسات سيبقون على تعهداتهم بالحفاظ على الدعم لحين التأكد من رسوخ الانتعاش وسينشئون أيضا نظاما جديدا للفحص المشترك للمساعدة في إعادة التوازن للنمو العالمي ومنع وقوع أزمات في المستقبل. وأضاف "أعتقد أن بإمكاننا التوصل إلى اتفاق بشأن التأكد أولا من أننا لن نلغي الدعم قبل أوانه لأن التعافي لم يترسخ بعد في أي مكان." ويستضيف دارلنج الاجتماع الثالث هذا العام لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في سانت أندروز باسكتلندا بهدف بحث تفاصيل الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في اجتماع زعماء المجموعة في بيتسبرج في سبتمبر الماضي.