بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد يسرني أن أتوجه إلى سموكم ببعض الملاحظات سائلاً الله لكم وللعاملين معكم من موظفي الوزارة العون والتوفيق ولكم جميعاً الشكر على ما يبذلونه من جهد ومتابعة للنهوض بالعملية التعليمية في المملكة وتطوير مناهجها لتواكب التقدم والتطور السريع في العلوم والمعرفة. 1. تعتبر المرحلة الابتدائية من أهم المراحل في بناء شخصية الطالب وفي تحصيله العلمي، فهي من الطالب بمثابة الأساس للعمارة، ولذلك فمن الملاحظ أن الطالب الذي يجتاز المرحلة الابتدائية بتفوق يقبل على الدراسة في المرحلة المتوسطة والثانوية بنفس راضية ورغبة قوية بحيث يمكنه من تخطي هذه المراحل بسهولة، والعكس صحيح. ولتحقيق هذه الغاية الأعلى في سلم الأولويات فإن الاهتمام بمدرس المرحلة الابتدائية يجب أن يحتل المرتبة الأولى بحيث يكون على درجة عالية من التأهيل والكفاءة للقيام بهذه المهنة الخطيرة ويكون متأهلاً عائلياً وله أولاد مع الاهتمام بتطوير أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية حتى يتمكن من التعامل مع هذه البراعم الصغيرة وتوجيههم التوجيه الصحيح وقد قرأت لبعض المهتمين بالتعليم من أهل الفكر والمعرفة والخبرة بعض الآراء التي أنقلها للمسؤولين لما فيها من فائدة، يقول الدكتور يحيى الأحمدي أستاذ علم النفس في جامعة المنيا بمصر في مقال له في جريدة الأخبار المصرية: (الأفضل من وجهة نظري أن يقوم بالتدريس لتلاميذ المرحلة الابتدائية معلمون حاصلون على درجة الدكتوراه في التربية وعلم النفس، معلمون مؤهلون لسنوات طويلة وعبر دراسات عديدة، معلمون لهم قدرهم الفكري والثقافي والعلمي والتربوي القادر على إنجاز المهمة التي يعني الفشل فيها خلال حقبة لا تزيد عن عشر سنوات إلا الحكم بالتخلف الثقافي والأخلاقي للمجتمع لخمسين عاماً على الأقل، فهؤلاء بحكم تأهيلهم ومكانتهم ومرئياتهم وإدراكهم لخطورة المهمة هم القادرون على أن يتداركوا الفعل في أوله ويتولون البذرة بالرعاية حال الإنبات والترعرع الأول ويحولون دون انفلات الأمر في بدايته ويقدمون عصارة خبراتهم البحثية لخدمة صناعة المواطن الطفل قبل أن ينطلق إلى عالم مستقبله الزاخر بالاستقطابات والمصادمات). ويقول الدكتور سعيد إسماعيل علي أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس في جريدة الأهرام في مقال له عن التعليم: (وما لم يقم تعاملنا في المنهج بهذا التصور العلمي الذي يقول به أهل الاختصاص فحصيلة التطوير لن تكون بالنوعية التي نريد، ولا بالقدر الذي نتصور، وليت الأمر يقتصر على هذا فأهل القانون كثيراً ما يرددون بأن قانوناً ظالماً في يد قاض عادل أفضل من قانون عادل في يد قاض ظالم، وترجمة هذا في مجال التعليم أننا قد نحسن هندسة وبناء وتخطيط وتطوير المنهج لكن من الذي سينفذه ويترجمه عملاً؟ إنه المعلم، فماذا لو كان هذا المعلم لا يرتقي في مستوى إعداده وتكوينه وأخلاقياته إلى المستوى الذي يمكنه من أن يترجم المنهج في صورة مفاهيم تدخل في نسيج عقل الطلاب، وقيم توجه سلوكهم ومهارات يكتسبونها فيحسنون التعامل مع عناصر الحياة التي يحولها وهكذا نجد أن الاقتصار عى تطوير مناهج التعليم دون تطوير تكوين المعلم نفسه يمكن أن يبدد كل الجهود المبذولة على هذا الطريق). ويقول الشيخ عبدالرحمن بن قاسم في رسالة له إلى الشيخ محمد بن مانع مدير التعليم آنذاك نشرتها جريدة الرياض في 9/11/1429ه (وبعد قد استرعاك الله على إحياء هذه الأمة المحمدية فعليك بالاعتناء بالأساتذة الأكفاء وتفقد حالهم وحال التلاميذ فإن ذلك من أعظم أسباب التوفيق، فقد مضت سنون ولم ينتج عن التلاميذ مع كثرتهم من بزغ من العلم النافع وذلك لعدم كفاءة الأساتذة). ويقول الأستاذ إبراهيم الفقيه في ندوة بجريدة عكاظ بتاريخ 29/4/1417ه (أما المعلم فهو العنصر الفعال في نجاح العملية التعليمية وهو بحاجة إلى الإعداد المبكر لاستقبال العام الدراسي بحيوية وجدية، وكما أشار الأستاذ حسن الفقيه (أحد المشاركين في الندوة - بأننا بحاجة إلى التربية ثم التعليم) ولا شك أن جزءاً كبيراً من هذه المهمة - التربية والتعليم - منوطة بعنق المعلم فدوره كبير في النهضة التعليمية لأي أمة لهذا لا بد من استعداده الذاتي نفسياً وتربوياً وعلمياً ولا بد أن يضع نصب عينيه أهدافاً متعددة ليسعى إلى تحقيقها وأن يثابر على تقويم أداه من خلال تحقيقها ولا بد أن يعي دوره ومسؤوليته العظيمة وأن يحرص على اكتساب علم جديد في مجال عمله تربوياً وعلمياً). ويقول الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي في عمود (مداد القلم) بجريدة عكاظ بتاريخ 5/1/1425ه بعنوان (ليس الخلل في المناهج): وهنا أستأذن مسؤولي التربية والتعليم في طرح وجهة نظري صراحة قد لا توافق توجهاتهم ولا تتفق مع قناعاتهم وتتمثل في الآتي: يقول المفكر الألماني (ليبنتز) المسؤول الأول في ألمانيا سلمني قيادة التربية وأنا أضمن أن أغير وجه أوروبا قبل أن تقوم من مقامك وهذا يعني أن المشكلة فيمن يقوم بتدريس المناهج لا المناهج ذاتها) لأن الأمانة (الطفل والمقرر) سلمت لأناس لا هم لهم إلا تلاوة المقرر وطلب تسميعه من الطالب ويضيف لهذا أعود فأقول: ليست مناهجنا هي الأولى بالتغيير والتطوير ولكن العقول المنفذة لهذه المناهج هي الأجدر والأولى والأهم في عملية الإصلاح لمن يريد الإصلاح الحقيقي امنحوا مدارسنا معلمين أكفاء غير الذين أفرزتهم ظروف الطفرة وصنعتهم مقتضيات الاحتياج وصبغتهم مظاهر الصحوة المظهرية الهشة تجدوا طلاباً أسوياء فكرياً وسلوكياً انتهى، ومما تقدم نتبين الأهمية الكبرى لدور المعلم في تنشئة التلاميذ الصغار وإعدادهم الإعداد الصالح الذي يؤمن لهم مستقبلاً مشرقاً إن شاء الله. 2. من الملاحظة بعد انصراف الطلاب من المدرسة تكدس الطلاب الصغار على الأرصفة بانتظار أولياء أمورهم الذين قد يتأخرون لأسباب قاهرة وهذا يشاهده كل من يمر أمام المدارس ساعة الانصراف مما يعرضهم للحوادث -لا سمح الله- من السيارات العابرة للطريق كما حدث في كثير من الحالات كما أنهم يكونون هدفاً سهلاً للمجرمين من مروجي المخدرات الذين يستغلون جهل هؤلاء الأطفال وإغرائهم بتناول المخدرات أو يقعون فريسة سهلة في براثن بعض الشباب المنحرفين، ولذلك مع ثقتي التامة بالاخوة مديري المدارس ووكلائهم بغيرتهم ووطنيتهم إلا أنني أناشدهم ألا يسمحوا للطلاب الصغار بالخروج من باب المدرسة إلا بعد حضور أولياء أمورهم أو سائقيهم والتأكد بدقة من هوياتهم وأن لا يسمح لأي كان من الأصدقاء والمعارف بتوصيل هؤلاء الطلاب لما يترتب على ذلك من مفاسد مع بقاء المدير ووكيله في المدرسة حتى مغادرة آخر طالب، فالمدير مثله مثل قبطان الباخرة الجانحة لا يغادرها إلا بعد إخلاء الركاب لأنكم أنتم أيها الاخوة المديرين مسؤولون عنهم، فهم أمانة في أعناقكم وأنتم مسؤولون عنهم وما يحصل لهم من سوء -لا سمح الله-أمام الله كما أنني آمل أن تكون هناك رقابة صارمة من الوزارة. 3. عدم ترك الطلاب الصغار أثناء الفسحة يمرحون ويسرحون بدون رقابة ومتابعة من قبل إدارة المدرسة بحيث يكون هناك من يتولى هذه الرقابة حين انصراف المدرسين للراحة، وهذا أمر في غاية الأهمية. 4. تشديد الرقابة على نظافة دورات المياه حيث روى لي أحد الأصدقاء إهمال المقاول المسؤول عن النظافة وهذا يعرض الطلاب لانتقال الأمراض كما أن خزانات المياه العلوية والأرضية تحتاج هي الأخرى إلى العناية بها والاهتمام بنظافتها. 5. يلاحظ خروج بعض مديري المدارس الابتدائية لمتابعة بعض المعاملات أو مراجعة بعض المسؤولين إلى إدارات التعليم ووزارة التربية والتعليم وهذا بلا شك يعرض الطلاب لأضرار كبيرة بغياب المدير ولا يمكن أن يعوض المدير أي شخص آخر، بينما يمكن أن يقوم بعملية التعقيب أي موظف آخر، ولذلك فإن على الأخوة مديري التعليم في جميع المناطق إيجاد آلية توفر على الأخوة مديري المدارس الحضور بأنفسهم إلى إدارة التعليم للتعقيب على بعض الأمور التي تخص مدارسهم لأن بقاءهم بين طلابهم هو أهم بكثير من هذه المعاملات. سائلاً الله العلي القدير التوفيق للجميع.