في العقيدة الإسرائيلية تُعتبر أرض فلسطين ملكاً لليهود ، لهم حق المصادرة، وطرد «الأغيار» أي غير اليهود، وحق تمليكها لكل عائد لأرض الميعاد، وهذا الأمر لا يوجد في أي عقيدة تاريخية وإلا لطالَب السكان الأصليون في أستراليا وأمريكا ونيوزيلندا وغيرها بتهجير كل من لا ينتمي لأرومتهم ودياناتهم البدائية والحديثة.. الغريب أن عواصف الأيام الماضية حول تقرير «غولدستون» ، وتصريحات هيلاري كلينتون، ثم بيان الكونغرس في رفض التقرير المنحاز لحماس، كما يقولون، جاءت متزامنة مع تصريحات أمين عام المنظمة الدولية «بان كي مون» عندما جاء صريحاً في وصف هدم المنازل الفلسطينية واحتلالها بأنها استفزازية ومذهول من هذا التصرف، وهي لهجة جديدة تتطابق مع تقرير غولدستون، الذي أصبح، حتى لو تعثرت خطوات اعتماد بنوده ، شهادة تاريخية لا تستطيع إسرائيل إلغاء ما جرى، وما حدث من حرب إبادة عنصرية.. الكل يعرف، لكنه يتجاهل، بدءاً من أمريكا وكل من يحمي إسرائيل بالكلمة والصاروخ والمال، أن مفاتيح الأزمات والحلول، تبدأ وتنتهي بفلسطين، وكل ما يجري في المنطقة والعالم الإسلامي هو نابع من القهر الذي تعرض له الفلسطينيون.. الأمين العام للأمم المتحدة ربما تجرأ بما تعتبره إسرائيل خطوطها الحمراء وعليه أن يتذكر أن المبعوث الدولي «الكونت برنادوت» قُتل بسبب مطالبته تقسيم القدس، وبعده نال عقاب إسقاط طائرته سكرتير الأممالمتحدة «داغ همرشولد» الذي حاول تفكيك أزمات أفريقيا مع مستعمراتها، والدكتور بطرس غالي لم يكمل مدته في سكرتارية المنظمة عندما نشر تقريره حول مجزرة «قانا» وحمّل إسرائيل المسؤولية، وربما تأتي المقصلة على رقبة الأمين العام الحالي سواء بمضايقات إسرائيلية أو ضغط من أمريكا، والعبرة بمن سبقوه من الذين اعتبروا ضحايا مواقفهم الإنسانية والقانونية.. إسرائيل قوة تملك حقوقاً لا تحصل عليها دول كبرى، حتى إنها في إحدى حروبها مع العرب كادت تفجر حرباً نووية بين السوفيات وحلف الأطلسي، ولا تزال تحت مراقبة ورعاية وحماية الغرب، وهو أمر لا يمكن فصله بالدبلوماسية أو الحلول السلمية إذا كان من يعجز عن المعارضة لأي كسر للقانون الدولي من قبل إسرائيل يعتبر مبرراً بحقوق خاصة ودفاعاً عن النفس.. وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، أسمعت وزراء الخارجية العرب ما يشبه التهديد بشأن الاعتراض على الاستيطان، وهو انقلاب على ما كانت تصرح به من عدم شرعيتها، وهذا يدلل أن إسرائيل هي محمية أمريكية قد يجرؤ صحفي أو مؤلف، وكاتب، من داخل إسرائيل الكتابة أو التصريح بأفعالها غير الإنسانية، لكن لا يجرؤ مسؤول أو صحيفة أو أي جهة حتى منظمات حقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا أن تعلن ذلك أو تنتقدها ما لم تضرب حسابات ردات الفعل ، والوصم بالتهمة الجاهزة في اللاسامية ، و(بان كي مون) ليس من منطقة الشرق الأوسط ولا من أرومة نازية، لكن الاتهام له جاهز إذ سيتعرض لحملة تنتهي بإعفائه بقرار ينسج في إسرائيل ويعتمد في نيويورك..