يبدو أن الهجوم الإعلامي على عدد من الشركات والمؤسسات الوطنية بدأ يطفو أكثر على السطح.. ولست بأي حال ضد النقد البناء الذي يهدف إلى الإسهام في تنمية المجتمع وتطويره ليصبح الحال اليوم أفضل من الأمس، ومما وقفت عليه في بعض الصحف، من خلال مطالعاتي وتصفحي السريع لها تناولها لبعض الشركات الوطنية بالتجريح تحت مظلة النقد والتعرض السلبي لمنتجاتها، ولاشك بأن لكل كاتب وناقد وجهة نظره.. وعبر هذه الأسطر أعرض وجهة نظري آملاً أن تلقى قبولاً، وصدراً رحباً من قارئيها، لأني أحاول من خلال تناولي التحيز للعقل أكثر من العاطفة، فتلك الشركات قبل ذلك وبعده شركات وطنية تملك الدولة أكثر من نصف رأسمال أغلبها ، بدأت تقدم خدماتها لأفراد المجتمع قبل كل الشركات الأخرى، وظلت تسعى وتتعاطى مع احتياجات المواطن والمقيم داخل المملكة، لتقدم خدماتها المتنوعة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، وغالبية الجماهير إن لم يكن كلهم يتمتعون بما تقدم من خدمات، مستفيدين بما تعرض وتطور في مجال الاتصالات الذي يحوز على أهمية كبرى لدى المجتمعات في واقعنا المعاصر . ولست هنا في موقف المدافع عن أحد.. ولا المتحامل في نفس الوقت، إنما الذي ينبغي أن نعيه هو ألا ننظر دائماً إلى الزاوية السلبية من الشيء، أو أن تكون نظرتنا قاتمة سوداوية إلى الحياة وما فيها من نعم سخرها الله لنا، فذلك بلا ريب يبعدنا عن جادة الحق إلى الحكم الخاطئ، ومن العدل إلى الظلم للآخر، إذ مما لاشك فيه أن لكل عمل بشري مهما كان كماله نقصاً، وأن البشر مهما أجادوا وأتقنوا لن يصلوا بأي حال درجة الكمال المنشودة، فهم بشر يصيبون ويخطئون.. يقصرون ويحسنون، وتلك هي سنة الله في الخلق (والوحيد الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل).. فشركة الاتصالات السعودية مثلاً بالرغم من تناولها أكثر من غيرها بالانتقاد فذلك لا ينقصها مكانتها وقيمتها بين شركات الاتصالات على مستوى المنطقة، على العكس فإن نقدها دلالة نشاطها المتعددة وحركتها الفاعلة في الحياة، ولا ننسى أن هذه الشركة هي أول من قدمت خدمات الهاتف الثابت لأفراد المجتمع منذ عشرات السنين، وبأيسر الإمكانات وأسهل الطرق الممكنة، وأول من قدم خدمة الجوال بخدماته المتنوعة، إضافة لسعيها الدؤوب في مواكبة التطور العالمي في مجال تقنية الهواتف النقالة، وتقديم الجديد حفاظا على عملائها، وفوق هذا وذاك، هل خطر ببال المتعرضين بما يشبه النقد أن كل شركات الاتصالات الأخرى التي دخلت السوق السعودية لم تكن لتخطو خطوة لولا اعتمادها على البنية التحتية الجاهزة سلفاً والتي طورتها الاتصالات السعودية بسواعدها الوطنية، ورغم ذلك لم تمن على أحد لأن هدفها في الأساس خدمة الوطن والمواطن المستفيد الأول والأخير. كما أنها شركة تسعى لمشاركة المجتمع العديد من قضاياه واحتياجاته عبر برنامجها الذي أقرته في مجال " المسؤولية الاجتماعية" خدمة لأفراد المجتمع في مختلف مجالات الحياة.. وأخيراً كيف نغفل أنها في الأساس شركة ربحية تهدف إلى الربح مثلها مثل أي شركة أو قطاع وطني يسعى للنماء والتطور.. ومن الطبيعي أن تستثمر أموالها في مواقع محددة وحية اقتصادياً، وبناء على خطط مدروسة ودقيقة، ومن الصعب أن نفرض عليها "أجندة" محددة تتصرف على ضوئها إرضاء لجهات أو نزولاً لرغبة فئة من الناس . كل ما أريد أن أنتهي إليه هو أن نتناول الحقيقة دائماً بتجرد وموضوعية، فذلك مطلب مهم حتى نصدق مع أنفسنا ومجتمعنا.. بعيداً عن التحامل والأهواء والمصالح الشخصية... والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية..