أكبر مشكلة تعاني منها أندية الشرقية هو ارتهانها على الدوام إما لأشخاص أو عوائل، وهو ما تسبب في إدارتها بطريقة الأملاك الخاصة، ولعل ذلك هو السبب في ازدياد عمق الفجوة بين شرفيي تلك الأندية ومن يديرونها. ومن يتابع وضع أندية المنطقة عن قرب يجدها دائما في حالة مراوحة مع أسماء معينة، تكاد لا تتغير، وإن تغيرت فإنها تدور في حلقة مفرغة، إذ إن تغير الأسماء إن حدث، فهو لا يعبر بالضرورة عن ديناميكية في تداول إدارة النادي، وإنما هو تغيير في الشكل مع بقاء المضمون، إذ إن ثمة من يفرض وصايته على هذا النادي أو ذاك، ويحرك خيوط اللعبة من ألفها إلى يائها، حتى وإن لم يتصدر المشهد. هذه الحالة الراسخة في أندية الشرقية تكاد تكون هي السبب الرئيس في فشلها في مواكبة الحراك الرياضي المتسارع على مستوى المملكة، فطريقة إدارة الأمور فيها تتم بأسلوب تقليدي فج، وذلك بسبب تغييب الكفاءات فيها، حيث إن غالبية من يعملون داخل الأندية لا يتم اختيارهم على أساس الكفاءة، وإنما وفق مبدأ توافقهم مع سياسة الوصاية، ولذلك تكاد تغيب آليات العمل المؤسساتي تماما فيها. المشكلة الكبرى في واقع أندية المنطقة الشرقية ليست في الوصاية وحدها، بل فيما يمكن تسميته ب"القابلية للوصاية"، وهو أقرب لمصطلح "القابلية للاستعمار" الذي طرحه المفكر الجزائري مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة، إذ إن أندية المنطقة أصبحت ارضاً خصبة للوصاية بسبب أبنائها الذين صاروا يستأنسون بوجود وصي يتحكم بمصير أنديتهم، إلى حد تجد فيه من يعترض بل ويهاجم من كل من يدعو للخروج من عباءة الوصاية، تحت ذريعة أن النادي لا يمكن له أن يقف على رجليه بدون وجود هذا الوصي. إن إشاعة حتمية وجود الوصي في أندية المنطقة الشرقية لم تأت كعملية مرتجلة، وإنما جاءت عبر سياسة محكمة، لكون (الوصاة) قد كرسوا لوجود بعض المتمصلحين من (الهتيفة) في كل نادٍ، لا عمل لهم سوى الهتاف بأسمائهم لترسيخ وجودهم في ذهنية أنصار النادي، وهو بالفعل ما بات موجوداً في اللاوعي لدى غالبية المنتمين لأندية المنطقة، إلى حد أنه لا يذكر النادي إلا ويذكر أولئك الوصاة كمرادف له. ولعل ما يعزز تكريس هذه الثقافة المقيتة بين أندية المنطقة الشرقية، هو إصرار الرئاسة العامة لرعاية الشباب كثيراً على اعتماد أسلوب التكليف في تكوين مجالس إدارات الأندية، وإن حدث وتم عقد الجمعية العمومية، ودخل بعض المنافسين، فإن لوائح الرئاسة تكون مطواعة للاختراق، لاسيما من قبل الممسكين بمفاتيح القرار في الأندية، إذ يكون في أيديهم الحل والربط، وهو ما تسبب في فشل كل المحاولات التي جرت لكسر قيود الوصاية على أندية المنطقة.