الجواب نعم، وأنا واحد منهم. وهي بالنسبة لي وجيلي جزء من عاداتنا اليومية، فإذا لم أشاهد القناة الأولى ولو لبضع دقائق أشعر أنني فقدت شيئا مهما في يومي. أحاول أن أسرّب هذه العلاقة لمن حولي وأجد صعوبة في ذلك. دعونا نطرح الموضوع بشفافية أكبر، ولنبدأ ذلك بقصة حدثت لي ذات يوم عندما تخرجت في الجامعة مندفعا بحماس الشباب وببعض ما تعلمته، فأبديت عدة أفكار في اجتماع في المؤسسة التي كنت أعمل بها لم تعجب الحاضرين، فأمسك بيدي أحدهم وهو بكل أسف متخرج في جامعة غربية ويسبق اسمه حرف الدال وقال لي بصريح العبارة نحن نريدها ثقيلة دم فوفر مقترحاتك لنفسك، وبالتأكيد لم أبق في تلك المؤسسة التي قيض الله لها من ينهض بها وهي الآن من معالم الرياض التي تزار. معالي وزير الثقافة والإعلام أصدر قرارا بتعيين الدكتور محمد باريان مديرا عاما للقناة الأولى، وهو قرار من وجهة نظري موفق وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وسبب هذا التعيين أن معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة ليس مديرا للثقافة والإعلام وإنما قائد لدفتها وهناك فرق كبير بين المدير والقائد، وتجتمع في الدكتورين الفاضلين خوجه وباريان صفة مهمة للنجاح في إدارة المرافق الإعلامية وهي الانحياز للوطن، فالرجلان ليسا محسوبين على شلة أو تيار أو رقعة جغرافية، وإنما همهما الأول الوطن والنجاح فيما أوكل إليهما، ويُعرف الدكتور باريان بأنه مهني موغل في مهنيته لا علاقة له بشيء آخر ولا يريد أن يكون جزءا من غير مهنته الإعلامية، وقد اتفق كل من سمع عن هذا التعيين أن باريان هو الخيار الوحيد من داخل حرم الوزارة المؤهل لقيادة القناة الأولى والبديل كان سيكون من خارج التلفزيون ولن يصاحبه الكثير من النجاح نظرا لطبيعة التعقيدات داخل القناة الأولى تحديدا. هل سيقال للدكتور باريان نريدها قناة ثقيلة الدم وما عليك سوى تنفيذ الأوامر؛ وتكون القناة هي الحائط الأقصر ليستطيع كل من يرد القفز فوقها، أو سيقال له خذ ما تريد من صلاحيات ودعم وأرنا ما تستطيع أن تعمل لنحكم فيما بعد ما إذا كانت القناة قابلة للحياة بلغة وشاشة العصر؟ كل المؤشرات تؤكد على أن هذا التعيين جاء من أجل إحداث تغيير إيجابي في قناة هي لسان المملكة وصورتها. لن يستطيع أي مسؤول عن القناة الأولى أن يحولها إلى تلفزيون الواقع ولا إلى ملهى ليلي متنقل، ولكن أحدا لايريد أن تبقى القناة بهذه القوالب الجامدة في عصر الإعلام الذي يتغير بوتيرة متسارعة من أجل الوصول إلى عدد أكبر من المشاهدين. القناة الأولى تختلف عن الإخبارية والرياضية والثانية، والتغيير لن يكون بالتأكيد سهلا وسريعا، ولا نريده أن يكون فقط في مظهر الشاشة على أهميته، وإنما نريده أن يكون في العقليات التي تتعامل مع المحتوى والصورة. وتغيير العقليات دونه خرق القتاد فهي تكتظ بالموظفين وتفتقر إلى الكوادر، وتحويل الموظفين إلى كوادر إعلامية أو تطعيم القناة بكوادر جديدة يتطلب بنودا مرنة في التدريب والتعاقد، وفي يقيني أن معالي الوزير يدرك ذلك وأنه سيدعم تطوير هذه القناة لتليق بالمملكة العربية السعودية وتعبر عن واقعنا بصدق وتكسر قيودا صنعت بالتقادم لا تمت إلى الحرفية الإعلامية بصلة.