اتهم تقرير سري رسمي مسرّب، وزارة الدفاع البريطانية بتعريض حياة جنودها البالغ عددهم نحو 9000 في افغانستان للخطر بسبب اخفاقاتها المستوطنة، ودعا إلى اعتماد تشريع يملي على الوزراء اجراء مراجعة منتظمة لمتطلبات الدفاع. وقالت صحيفة "صندي تايمز" إن التقرير المكون من 296 صفحة والذي حصلت على نسخة منه "كشف بأن الأخطاء الخرقاء لوزارة الدفاع تحد من قدرات القوات البريطانية في افغانستان على القيام بمهمات عسكرية صعبة، وحمّل البيروقراطية من مراوغة سياسية وعجز في الدوائر الحكومية مسؤولية المحنة التي تعاني منها هذه القوات بسبب تزويدها بمعدات غير مناسبة". واضافت أن التقرير الذي وضعه برنارد غري رجل الأعمال البارز والمستشار الخاص السابق لعدد من وزراء الدفاع في حكومة العمال وتساءل فيه عن مغزى انتظار 20 عاماً لشراء سفينة حربية أو مقاتلة أو دبابة، سيسبب احراجاً ثقيلاً لرئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الذي يصر على أن القوات المسلحة تحصل دائماً على احتياجاتها من المعدات العسكرية. واشارت الصحيفة إلى أن التقرير الذي طلب اعداده وزير الدفاع البريطاني السابق جون هاتون الذي استقال في يونيو الماضي، كان من المقرر اصداره الشهر الماضي، لكن وزير الدفاع الجديد بوب إينزوورث وبدعم من رئيس وزرائه براون أمر بحجبه بسبب الجدل الدائر بين وزراء الحكومة وقائد الجيش الجنرال ريتشارد دانات الذي سيتقاعد هذا الشهر، حول نقص المعدات لدى القوات البريطانية في افغانستان. واتهم التقرير وزراء حكومة العمال بالفشل في اتخاذ الخيارات الصعبة الضرورية بشأن الإنفاق على الدفاع والمبالغة في تقدير قدرات القوات المسلحة البريطانية، وانتقد رفض هؤلاء الوزراء اجراء مراجعة استراتيجية للدفاع منذ العام 1998، أي بعد عام على تسلمهم السلطة. ودعا التقرير إلى وضع تشريع يملي على وزراء الدفاع البريطانيين اجراء مراجعة شاملة لمتطلبات الدفاع كل أربع سنوات، محذراً من أن تأخير برامج بناء السفن الحربية جعل بريطانيا خلال العقدين الماضيين غير قادرة على خوض حروب شبيهة بحرب الفوكلاند ضد الأرجنتين عام 1982. واشار التقرير إلى أن البرامج التسلحية لوزارة الدفاع البريطانية تجاوزت تكاليفها الميزانية المرصودة لها بنحو 35 مليار جنيه استرليني، وتأخر تسليمها خمس سنوات على موعدها الأصلي. إلى ذلك كشفت صحيفة "ميل أون صندي" أن بريطانيا سترسل المئات من جنود المشاة إلى خط النار في افغانستان بعد تدريبهم لمدة ستة أسابيع فقط على العمليات القتالية بدلاً من المدة الدنيا المعتادة ومقدارها ستة أشهر. وقالت الصحيفة إن الجيش البريطاني سمح للمرة الأولى بإرسال جنود تم اعدادهم خلال فترة قصيرة جداً إلى اقليم هلمند للمشاركة في ظروف قتالية بالغة الصعوبة ضد مقاتلي طالبان نتيجة قطع وزارة الدفاع برامج التدريب لتوفير أموال. واضافت الصحيفة أن الضباط البريطانيين المسؤولين عن جنود المشاة البالغ عددهم 400 جندي سيقومون الأسبوع المقبل باستدعاء هؤلاء الجنود بصورة مبكرة من اجازاتهم لاتخاذ الاستعدادات المطلوبة ونشرهم في اقليم هلمند في أكتوبر المقبل. وذكرت الصحيفة أن 70% من هؤلاء الجنود شبان لم يخدموا في افغانستان من قبل وسيبدؤون التدريب على العمليات القتالية هناك اعتباراً من الأسبوع الثاني من سبتمبر المقبل، ما يعني أن أمامهم ستة أسابيع فقط لتطوير مهاراتهم القتالية والمشاركة في حرب راح ضحيتها 206 جنود بريطانيين منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2001. واشارت الصحيفة إلى أن مصدراً دفاعياً وصف هذا الإجراء بالمتسرع، وأكد أن القوات المسلحة البريطانية لا تمتلك عناصر كافية مدربة بشكل كامل على العمليات القتالية ولفترة لا تقل عن ستة أشهر. ونسبت الصحيفة إلى باتريك ميرسر النائب عن حزب المحافظين المعارض والضابط السابق في الجيش البريطاني قوله "هذا الإجراء يعكس النقص الحاد الذي تعاني منه قواتنا، ويتعين على وزارة الدفاع أن تبادر فوراً إلى معالجة هذه الأزمة بدلاً من ترقيعها". من جهة أخرى أظهر استطلاع جديد للرأي اجرته مؤسسة (بيبكس) لصحيفة "ميل أون صندي" أن أكثر من 60% من البريطانيين يريدون سحب قواتهم من افغانستان بأسرع وقت ممكن. ووجد الاستطلاع الذي شمل 2031 ناخباً أن 69% من هؤلاء عارضوا مشاركة القوات البريطانية في حرب أفغانستان، بالمقارنة مع 31% أيدوا هذه المشاركة.