من خلال تتابع الأحداث وسرعة مجرياتها، والانتقال من حقب زمنية إلى أخرى، اختلفت فيها الموازين، وتفشت فيها الظواهر الاجتماعية اللاأخلاقية، واستأسد فيها قانون الغاب، وظهرت فيها رموز تدعو إلى الليبرالية، على حساب القيم الثقافية والأخلاقية، قاصدة بذلك النهوض بالقوانين الوضعية إلى مصاف الأحكام والشرائع السماوية، إن لم تكن مقدمة عليها..! فقد بات علينا - من حين إلى آخر - اختلاس بعض الوقت، في خضم هذه التحديات العصرية، التي غالبا ما تبرز تحت شعارات ومسميات رنانة ذات تأثير مثل «حقوق الإنسان» أو «الحريات الأساسية» (من المنظور الوضعي، وليس من المنظور الثقافي والديني الذي هو نواة الحقوق والواجبات) - بات علينا أن نتمعن فيما نعيشه من عدالة النهج السياسي والاجتماعي الذي تنعم به بلادنا... فبمجرد النظر حولك - أيها السعودي، فتى وفتاة - ستلمس الجهد والعطاء، الخير والرخاء الذي تنعم به هذه البلاد من خلال ما هيأته لك مؤسساتها وما تسعى لتقديمه من خدمات.. فالدولة في ظل قيادتها، لم تدخر وسعاً ولم تبخل على المواطن والمقيم على السواء.... ولا أرمي هنا إلى قمة المثالية والكمال (التي غالباً ما تكون من خلال مواجهة الذات بالذات بغية النمو والارتقاء)، فالنفس البشرية بطبيعتها قد لا تشبع وتطمع في الوصول إلى منتهى الكمال الذي قد لا تجده في أرقى الدول وأكثرها ثراء... فما قامت وتقوم به المملكة في ظل قياداتها الحكيمة على مر الأزمنة، منذ نشأتها على يد الوالد الملك الموحد عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - يعد إنجازاً كبيراً بكل المقاييس، إذا ما قورن بما قدمته وتقدمه دول أخرى، قد تكون أكثر تقدماً وثراء، خلال نفس الحقبة الزمنية... لقد أنعم الله على هذا الوطن - الذي نحسد عليه - بنعم كثيرة، فهو مهد النبوة، وقبلة المسلمين، وأراد الله بعطفه وكرمه، أن سخر له رجالاً أقوياء أكفاء أمناء على العطاء وتحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة، ووهبهم الله الحكمة والتدبر في التعامل مع التحديات والقضايا العصرية محلياً وإقليمياً ودولياً.... إن ما قد تواجه - أخي السعودي وأختي السعودية - من مخالفات أو تجاوزات في بعض الأمور الحياتية، لا يخص مجتمع بعينه، وإنما هو أمر مسلم به في بعض المجتمعات، والمهم هنا، معالجة المخالفات والقصور بالحكمة والصبر والإيمان بالله ثم برجال هذا الوطن الأوفياء الأمناء... فبدون أن نتحسس الخطأ لن ندرك الصواب. لذلك، عليك أيها السعودي، واجب نحو دينك ووطنك وولاة أمرك.. فحتى تنعم بالرخاء والرفاهية والأمن الذي يعيشه هذا الوطن، عليك أن تحافظ عليه وتحتضنه وأن تساهم في النهوض به من خلال تحصيل العلم والعمل - بينما تتمسك بالقيم الثقافية والأخلاقية ، ومن خلال المشاركة الفاعلة في عملية تنميته، التي لن تتأتى إلا بالإخلاص له وتوثيق انتمائك وصلتك به.... ولك أن تعي أهمية المكانة التي تحظى بها المملكة على الساحة الإقليمية والدولية، والتي هي نتاج السياسة المعتدلة الحكيمة التي تنتهجا، وأن تكون من خلال هذه المكانة شامخاً معتزا بحكمة وسمو النهج المميز والخاصية الفريدة لهذا الوطن.. أدعوك أيها السعودي إلى أن تعيش واقعنا هذا في يوم وليلة بالنظر حولك والتمعن فيما أنت فيه، وتلمس نعم الخالق، لهذا الوطن في ظل حكمة وعطاء وعدالة القائمين عليه.... أدام الله عزهم. * وزارة الخارجية