تعد جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي تأسست في عام 1383 ه التجربة الأولى المبكرة في المملكة لإنشاء المدن الجامعية الحديثة المتكاملة في منشآتها التعليمية والإدارية ومجمعاتها السكنية ومرافقها وخدماتها المساندة، حيث إن جامعة الملك سعود، مؤسسة التعليم العالي الأم في المملكة التي سبقتها في التأسس بسبع سنوات تقريباً كانت تشغل آنذاك مبانٍ تعليمية مخصصة في الأصل لمشروع إسكان موظفي الحكومة في حي الملز ، إضافة لمباني أخرى مستأجرة في مواقع مختلفة بمدينة الرياض ، وعلى الرغم من مرور ما يزيد على الخمس وأربعين عاماً على نسبة جوهرية من منشآت تلك المدينة الجامعية ، إلا أنها لا زالت تحتفظ بمكانتها معلماً مميزاً في إختيار موقعها على جبل الظهران وتصميم عناصرها ومبانيها الأكاديمية بين الجامعات ليس في المملكة فقط ولكن في دول المنطقة وربما العالم. وكما هو معروف لم تحظ بقية الجامعات السعودية الأخرى حينها بإقامة مدن جامعية لها إلا بعد مرور ما يزيد على العشرين عاماً من بناء المدينة التعليمية لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، حيث تم إنشاء المدن التعليمية على نحو متتال لكل من جامعة الملك سعود وجامعة الإمام والملك عبدالعزيز وأم القرى والملك فيصل والملك خالد وبقية الجامعات الحكومية الأخرى القائمة آنذاك. وخلال السنوات الخمس الماضية شهد مجال التعليم العالي زخماً كبيراً في تأسيس مزيد من الجامعات الحكومية والأهلية على حد سواء، حيث تضاعف عدد الجامعات الحكومية من ثمان جامعات إلى حوالي خمس وعشرين جامعة، ولم يكتف بذلك فقط، وإنما جرى تخصيص مواقع مدن تعليمية لتلك الجامعات الجديدة في كافة مناطق المملكة، تزيد مساحتها عن السبعين مليون متر مربع، وتم الشروع في إعداد التصاميم لتلك المدن الجامعية ورصد الاعتمادات المالية لتنفيذها. إن تلك المدن الجامعية، القائمة منها أو التي هي تحت الإنشاء، لجديرة بأن تأخذ القدر الذي تستحقه من العناية والاهتمام في توثيق ما وفر لها من إمكانيات، وما أنفق عليها من موارد، وما بذل فيها من جهود، وما حظيت به من دراسات، وما مرت به من تجارب، وما واجهته من صعوبات، وما تجاوزته من عوائق، وما اكتسبته من خبرة، وما تميزت به من دور، وما نالته من رياده ، ونحو ذلك مما يستحق التوثيق ليدون في سجلات التجربة المحلية بهذا المجال، كما أن المدن الجامعية الجديدة التي لا زالت في طور التأسيس والبناء والتي تقاسمتها مناطق المملكة لتسهم في إستثمار إمكانات تلك الأقاليم وتوجيهها لتوظف في خطط التنمية بها، إضافة لتوفيرها فرص التعليم والعمل للمواطنين في مناطقهم، لفي حاجة لأن تقطف من التجربة المحلية خلاصة خبرتها، وتستلهم من التجربة العالمية تعظيم الدور التنموي المنتظر منها، ولا يمكن أن يتأتى الحد الأدنى في اعتقادي من ذلك إلا عبر استدعاء تلك التجربتين المحلية والدولية تحت سقف ملتقى علميى تعرض وتناقش عبر جلساته و ورش العمل فيه ثمرة وحصيلة ما تنطوي عليه تلك المدن الجامعية من دروس وتجارب تحمل الكثير من الثراء.