أمانة القصيم تختتم مشاركتها في مؤتمر العمل البلدي الخليجي الثاني عشر    ملتقى الأكاديمية المالية 2024 ينطلق يوم غدٍ في الرياض    نوال الرشيد رئيسة جامعة طيبة بالمدينة المنورة تلتقي رئيس الجامعة الإسلامية    الداخلية تواصل مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي    فرع وزارة الصحة بمنطقة الرياض يطلق حملة أكتوبر للتوعية بسرطان الثدي    أمير الشرقية يدشن التمرين التعبوي وجائزة السلامة المرورية    مدير تعليم الطائف يكرم 74 معلماً خبيراً و 24 معلماً حاز طلابهم على المراكز الأولى    السجن 15 سنة لوافدَين متورطين في 177 عملية احتيال مالي ب 22 مليون ريال    نائب أمير مكة يتسلم تقرير «المساحة الجيولوجية» بالمنطقة    نائب أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية درع للبحث والإنقاذ بالمنطقة    8.7 مليون.. غرامة على كيانات وأفراد مخالفين لنظام الطيران    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    مقتل 59 من عناصر حركة الشباب الإرهابية في عمليتين عسكريتين في الصومال    حمدالله يتواجد مع الشباب ضد النصر    مستقبلًا نحو 1.9 مليون مريض .. "التخصصي" بثلاثة مستشفيات ومركز رعاية افتراضي    اليوم العالمي للدسلكسيا يشهد إطلاق أول مبادرة للتعايش مع المرض وتمكين الأفراد ذوي إعاقات التعلم    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية التونسية بمناسبة إعادة انتخابه لمدة رئاسية جديدة    تراحم الطائف توقع اتفاقية مجتمعية مع تعليم الطائف    الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة يشدد على أهمية التعاون الإقليمي لتحقيق الاستدامة في المدن الخليجية    شركة Nothing تقدم أحدث منتج صوتي يرتقي بمستوى الصوت اللاسلكي مع تقنية الصوت المفتوح المحسّنة    عالمان يفوزان بجائزة نوبل في الطب لعام 2024 لاكتشافهما الحمض النووي الريبوزي الميكروي    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على الشرقية ومكة    الأمطار تكشف عيوب السفلتة.. شوارع جازان تحتضر    منح المدارس صلاحيات كاملة لإدارة وتحسين التعليم والتعلم    كراسي رؤساء الأندية.. والقرار الصعب    8 % ارتفاع لأسعار النفط.. برنت صوب 79 دولاراً    نزاع على 18 مليار دولار في قاع البحر    أمير منطقة نجران يكرّم اللواء الشهري    المنصات الرقمية تجذب هند صبري !    اختلافي مع «أبو كرم» صحي    مشاعر شعب وصحة ملك    5 حلول لنوم المسنين بشكل أفضل    العقد النَّضيد    نائب أمير منطقة مكة يقدم الشكر لمدير عام فرع وزارة الخارجية السابق    عزيز وغال في رفاء    مدير تعليم البكيرية يرأس اجتماع مديري ومديرات المدارس    الأخضر يواصل تحضيراته لليابان .. ونزلة برد تمنع "البريكان"من المشاركة في التدريبات    (ينافسون الهلال خارج الملعب)    6 لاعبين ضحايا الرباط الصليبي في الريال    « محرز وإيبانيز وماني» في التشكيلة المثالية آسيوياً    أمير الشرقية وسمو نائبه يستقبلان أعضاء مجلس إدارة نادي النهضة الرياضي    توقيع مذكرة تفاهم بين إمارة الشرقية ومعهد الإدارة العامة    ضمن المرحلة الأولى من المخطط العام.. تدعيم وإنقاذ 233 مبنى تراثياً في جدة التاريخية    «واتساب» يعزز مكالمات الفيديو بالفلاتر والخلفيات    الملتقى الدولي يناقش التجارب والتحديات.. ريادة سعودية في تعزيز المسؤولية الاجتماعية    السقف الزجاجي النفسي    هل ينتهى السكري الحملي بالولادة ؟    الأوعية البلاستيكية السوداء مصدر للمواد المسرطنة    في معنى الاحتفاء بالحكم الرشيد    نادي الشايب لتعليم الفروسية في بيش يقيم الحفل السنوي لانطلاق أنشطته    معركة الوعي الإلكتروني!    انتصار خالد مشعل الوهمي !    دام عزك يا وطن    والشعراء يتبعهم الغاوون    مفتي عام المملكة يستقبل نائب رئيس جمعية التوعية بأضرار المخدرات بمنطقة جازان    تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة وبيروت    فرع الإفتاء يفعل مبادرة "الشريعة والحياة" في جامعة جازان    نائب أمير مكة المكرمة يلتقي رئيس مجلس إدارة شركة الزمازمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإقراض المصرفي يتحسن تدريجياً وعملية التعافي الإنمائي ستتسارع في 2010م.. والتزام الحكومة بالإنفاق المرتفع يريح المستثمرين
في تقرير للبنك السعودي الفرنسي بعنوان "إنفاق الحكومة السعودية وإشارات على التعافي.. زيادة في الإنفاق ولكن بتعقُّل"
نشر في الرياض يوم 17 - 10 - 2009

أصدر البنك السعودي الفرنسي تقريره الاقتصادي والذي حمل عنوان (إنفاق الحكومة السعودية وإشارات على التعافي.. زيادة في الإنفاق ولكن بتعقُّل".
وغطى من خلاله اقتصاديو البنك مؤشرات الانفاق الحكومي والتعافي الاقتصادي وتاثير ارتفاع أسعار النفط على الميزانية الحكومية ودور بيانات التحويلات النقدية السعودية في تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالميّ.
وأوضح التقرير الذي أعده كل من الدكتور جون اسفيكياناكيس كبير الاقتصاديين ومدير عام المجموعة في البنك، وتركي بن عبدالعزيز الحقيل الباحث والمحلل الاقتصادي والمدير الاعلى للقسم الاقتصادي، وداليا ميرزبان المحللة الاقتصادية في البنك، أن الاقتصاد العالمي يشهد مرحلة من التوسع الماليّ لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبلُ، وهو الأمر الذي يُهدِّد بضغوط على الميزانية لسنوات طويلة قادمة وقد يؤدي كذلك إلى دوامة جديدة من التضخم على المدى المتوسط. واستناداً إلى هذه المرجعية فإن مشروع إنفاق الدولة السعودية بهدف إنعاش الوضع الاقتصاديّ يتناقض مع المعيار العالميّ.
وذكر التقرير أن الحكومة السعودية أطلقت خُطّة طموح للإنفاق العامّ ولكن يمكن إدارتها بالرغم من طموحها، ويمكن أن تؤدِّي إلى بعض الضغوطات المحدودة على الوضع الماليّ للمملكة، ولكن من الغير المتوقَّع أن تؤدِّي إلى تشجيع حالة من التضخم، فالمملكة تنتهج إنفاقاً يفوق الميزانية المقرَّرة ولكن بكثير من التدُّبر والحصافة.
وبالرغم مّما قد ينطوي على ذلك من تناقضات واضحة، ومع تراجع عقود الاستثمارات الخاصّة وتراجع معدَّلات الاستهلاك الخاصّ فإن الحكومة تجد نفسها مضطرة إلى زيادة الإنفاق على الأقلّ حتى تتمكن الاستثمارات الخاصّة ومعدَّلات الاستهلاك العودة للارتفاع في عام 2010.
ومع استمرار تخطِّي عائدات النفط لتوقعاتنا المبدئية وتوقُّعات الحكومة كذلك، فإن خزينة الدولة بدأتْ تتلقى ما يكفي من الأموال وبالسرعة الكافية للتخفيف من أية أعباء وضغوطات على الميزانية والتي يمكن أن تكون حدثتْ خلال السنوات الطويلة من أسعار النفط المتدنية. وقد تدخَّلت الحكومة وضخَّت السيولة النقدية لتعبئة الفراغ الذي نجم عن التردد الذي ساد في أوساط الأعمال الخاصّة والمصارف المحلية التي تأثرت في مرحلة ما بعد إفلاس ليمان وتراجع أسواق الاعتماد المالي وأسعار الأسهم في جميع أنحاء العالم. فالقطاع الخاصّ يمر حالياً بمرحلة تراجع ومن المتوقَّع أن تستمر في التأثر بأداء الأسهم العالمية ووتيرة تعافي الاقتصاد العالميّ وفي خلال العام الماضي، أصبحت الحكومة السعودية المستثمر الأكثر أهمية في الاقتصاد المحليّ، ولو افترضنا أن الدولة لم تقو بعملية الإنفاق هذه، فإننا نعتقد أن الاقتصاد السعوديّ كان يمكن أن يدخل مرحلة طويلة من المعاناة لا مَفرّ منها من الانكماش.
الاعتماد على عوائد النفط
لقد اعتمدت السلطات السعودية وإلى حدٍّ كبير على فوائض عائدات النفط والتي تراكمت لدى المملكة، أكبر مُصدِّر للنفط في العالم، عندما كانت أسعار النفط مرتفعة خلال هذا العقد. ولقد عززت المملكة استثماراتها في الاقتصاد من خلال تحقيق زيادة ضخمة في الإنفاق. وتفيد تقديراتنا أن الإنفاق الحكوميّ الفعليّ في عام 2009 سيصل إلى نحو 579 مليار ريال أيْ بما يزيد على الميزانية المعتمدة بحواليّ 22 في المائة؛ وذلك بسبب برنامج الدولة لزيادة الإنفاق في مشاريع النفط والبنية التحتية والتعليم وذلك بهدف إنعاش الاقتصاد السعوديّ وحمايته من الركود.
ولكن وبالرغم من هذه الجهود، إلا أن الإنفاق الحكوميّ المرتفع لم يكن كافياً لحماية القطاع الخاصّ الغير نفطيّ من التباطؤ في النموّ والذي ليس من المتوقَّع أن يزيد على 2.5 في المائة في عام 2009 وهو أبطأ معدَّل تشهده المملكة منذ عام 1995 وذلك بحسب تقديراتنا. إلا أنه لا بُدَّ من الإشارة إلى أن هذا القطاع قد توسَّع بما يزيد على 22 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية.
وبالتزامن مع تراجع إنتاج النفط الخام، فإن الاقتصاد السعوديّ يواجه تراجعاً بنسبة 0.9 في المائة في إجماليّ الناتج المحليّ لهذا العام وهذا هو الانكماش الأول الذي يشهده الاقتصاد السعوديّ على مدى عقد من الزمان. ونتوقَّع أن يرتفع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الحكومي أكثر من المعدَّل الذي وصله في عام 2008 وهو 3.5 في المائة. حيث من المتوقع أن يصل إلى 3.8 في المائة في عام 2009 وهو معدَّل قريب من المعدَّل الذي سُجِّل في عام 2005 وهو 4 في المائة.
ليس من المتوقَّع أن يؤدِّي الإنفاق الحكوميّ المتزايد إلى حالة من التضخُّم والذي تراجع بحدة العام الماضي عن أعلى المستويات التي وصل إليها خلال العقود الثلاثة الماضية. وبالرغم من معدلات التضخم المرتفعة، فإن المملكة بقيت من بين الدول القليلة في منطقة الخليج التي لم تواجه معدلات تضخم حادة خلال السنوات القليلة الماضية ونتوقَّع أن يبقى معدَّل التضخم حتى نهاية العام قريباً من المعدَّل المنخفِض الذي استمَرّ على مدى سنتيْن وهو 4.1 في المائة التي سُجِّلتْ في شهر أغسطس. وفي هذه الأثناء، فإنه ليس من المتوقَّع أن تؤدِّي خطة الحكومة للإنفاق إلى التخفيف من حِدّة التضخم خلال عام 2010. ونرى من وجهة نظرنا أنه لم يتمّ التعامل بشكل مناسب مع قضية التضخم. ويبدو أن نقطة الضغط الرئيسية المتمثلة في الإيجارات يمكن أن تؤدِّي إلى ضغوط على الأسعار. كما أن أية ضغوطات تضخم عالمية أو على أسعار السلع الاستهلاكية ستكون لها آثار عابرة. إن حدوث ارتفاع في الطلب المحليّ في عام 2010 يمكن أن يؤدِّي إلى مزيد من الضغوط على الأسعار ولكن التضخم سيبقى بعيداً جِداً من المعدَّلات المرتفعة التي سُجِّلت في عام 2008.
البحث عن مؤشِّرات على عودة الانتعاش الاقتصاديّ
إن التراجع الاقتصاديّ الذي تشهده المملكة العربية السعودية لن يكون طويلاً أو عميق التأثير ولن يكون للتضخم التبعات التي تشهدها الاقتصادات المتقدِّمة؛ فالتباطؤ الاقتصاديّ الذي تركَّز في النصف الأول من عام 2009 والذي طال القطاع الخاص بشكل خاصّ يشهد الآن تحولاً تدريجياً للتعافي. فقد شهدتْ أسعار النفط تحسُّناً خلال الربع الثالث بحيث يسمح للمملكة العربية السعودية بتخطي توقعاتها بعجز في الميزانية بنحو 65 مليار ريال سعوديّ وقد تواجه في أسوأ الحالات عجزاً طفيفاً يمكن تمويله بسهولة، وإذا ما بقيت أسعار النفط تحوم حول 70 دولارا للبرميل، فإننا نتوقع أن تنهي المملكة العربية السعودية العام بفائض قليل في الميزانية العامّة.
تركي الحقيل
ومن وجهة نظرنا نرى أن عملية الإقراض المصرفيّ التي تُعتبَر شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد، ستشهد تحسُّناً تدريجياً خلال الأشهر القليلة القادمة. وستتسارع عملية التعافي الإنمائيّ خلال عام 2010. وستؤدِّي نتيجة لذلك إلى مُعدَّلات أفضل في كل من القروض والودائع. إلا أن إقراض المصارف لن يعود إلى المعدَّلات التي عرفناها خلال عام 2008. فعمليات إقراض المصارف إلى القطاع الخاصّ شَهِدت للشهر الثالث على التوالي تحسناً ملموساً في شهر أغسطس بعد الانكماش الذي وصلت نسبته 2.5 في المائة خلال الأشهر الست التي سبقت شهر مايو. وحرصاً منا على وضع كل ذلك في الإطار الصحيح، فإن مستحقّات البنوك السعودية على القطاع الخاصّ تضاعفتْ ثلاث مرات بين عاميْ 2003 و2008. لقد ولت أيام هذا النمو المتزايد إلى غير رجعة على الأقل حتى السنة التالية. فالمصارف ستصبح أقلّ تساهلاً واندفاعاً للإقراض وستسعى إلى الإقراض للأعمال التي ستوفِّر السيولة والأُسُس التي تحمي حقوق المصرف ورأس ماله وهو الأمر الذي يعتبر جيداً لقطاع المصارف والاقتصاد بشكل عامّ.
إن عودة الإقراض من البنوك إلى المستويات المتوقَّعة تتطلب ثقة عالية يؤكدها القطاع الخاص خصوصا بعد اهتزاز هذه الثقة التي هزتها صعوبة إعادة تسديد الديون المترتبة من مجموعتي سعد و احمد حمد القصيبي. وبالرغم من أن المصارف بدأت الحدّ من إعطاء القروض قبل شهور من ظهور هذه المشاكل، إلا أن هذه الحادثة ضاعفت من المخاطر التي قللتْ من رغبة المقرضين في إعطاء القروض كما كانت تفعل في السابق وتزايدت القروض والديون بعد سنوات من معدَّلات النمُوّ العالية.
لقد بدأت الثقة بين المستثمرين الحذِرين في القطاع الخاصّ وبين المصارف تشهد تحسناً بطيئاً وذلك بعد اتخاذ خطوات تؤكِّد على أنه تمّ التوصل إلى تسوية بين إحدى المجموعتين والدائنين المحليين. ونعتقد أنه ستتم تسوية جميع هذه المشاكل مع مرور الوقت. كما يشعر المستثمرون بارتياح تام بالتزام الحكومة المستمِرّ للإنفاق المرتفع كجُزء لا يتجزَّأ من صُنْع السياسة المالية.
الارتفاع الحادّ للإنفاق الحكوميّ
لقد بدأ البرنامج الحكوميّ للإنفاق المحليّ والذي سيستمر على مدى خمس سنوات وبقيمة إجمالية تبلغ 400 مليار دولار، بدأ هذا العام بهدف دعم الاقتصاد السعوديّ الذي يعتمد على تصدير النفط وذلك لمساعدة هذا الاقتصاد ليتخطى أسوأ أزمة مالية عالمية من ناحية، ولتلعب المملكة دوراً في المحافظة على توازن الاقتصاد العالميّ الذي يعاني من انكماش حادّ من ناحية اخرى.
السياسة الاقتصادية للمملكة تتبع نموذجاًَ يمكن تسميته بالدورة المالية المعاكسة إذْ تقوم الدولة بتوفير عوائد النفط واستثمارها على المدى البعيد في أصول قليلة المخاطر وتعتمد على مستوى عالٍ من السيولة وذلك عندما تكون أسعار النفط فيه مرتفعة. ثم تقوم بالاعتماد على هذه الأموال الموفرة عندما تشهد أسعار النفط تراجعاً. لقد بدأت هذه السياسات تُؤتِي ثمارها في أكثر من طريقة ويقوم صندوق النقد والبنك الدوليان بتشجيع اتِّباع مثل هذه السياسة على مستوى العلاقات متعددة الأطراف.
وهناك فرص وتحديات في المشاريع التي ترعاها الدولة مثل مركز الملك عبد الله الماليّ والتي تشرف عليها المؤسَّسة العامّة للتقاعد بتكلفة إجمالية تقدر بأكثر من 25 مليار ريال، والفرصة الواضحة هي أن أموال الدولة التي تُضخّ في هذه المشاريع ستكون لها تبعات إيجابية أفضل مما كان عليه الوضع قبل عام وذلك بسبب تراجع تكلفة الإنشاءات المقدرة بين 18 – 22 في المائة. أما التحدي الآن فيكمن في كيفية توزيع هذه المشاريع؛ فمعظم هذه المشاريع تذهب لشركات الكبيرة ولا تصل لشركات المتوسطة ولا الصغيرة إلا القليل من عوائد هذه المشاريع. مشاريع البنية التحتية تحسِّن من كفاءة وإنتاجية الاقتصاد؛ وهو الأمر الذي يعود بالفائدة على عامّة الشعب. وفي الوقت الذي غالباً ما يؤكِّد فيه كبار المقاولين أن عامل الوقت في غاية الأهمية بالنسبة للحكومة، إلا أننا نعتقد أنه لا بُدّ من إيجاد الحوافز للشركات المتوسطة والصغيرة للمشاركة والاستفادة من فرصة الإنفاق الحكوميّ الغير المسبوق.
لقد وافقت الحكومة على ضِعف قيمة المشاريع التطويرية في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام الماضي ونجحتْ في ضمان خُطّتها لاستمرار تدفق الأموال في مشاريع البنية التحتية الضرورية ويتضمَّن ذلك تطوير ثلاث مشاريع للسكك الحديدية المقدرة كلن منها نحو 26 مليار ريال مثل خط الحرميْن السريع والذي يبلغ طوله 450 كيلومتراً يربط جده بمكة والمدينة حيث يتوافد ملايين الحجاج و المعتمرين الذين يؤدُّون العمرة. لقد أعطت الحكومة عقداً مهماً للأشغال المدنية في وقت سابق من هذا العام بتكلفة قدرها 6.8 مليار ريال . كما أعلنت الحكومة خلال عام 2009 عن صفقات تزيد قيمتها على عشرة مليارات ريال لهذا المشروع ومشروعان آخران وهما مشروع خط الشمال و مشرع الجسر البري الذي يبلغ طوله 950 كيلومتراً الذي يربط الشرق بالغرب مرورا بمدينة الرياض.
ومع ارتفاع حماسة القطاع الخاصّ، فإن من المهمّ الإشارة إلى أن الحكومة كانت حريصة وترغب في التدخُّل للإبقاء على استمرار تنفيذ هذه المشاريع. فقد حَصَلت الرياض في وقت سابق من هذا العام على مشروع رأس الزور لتحلية المياه بتكلفة إجمالية نحو ستة مليارات دولار وذلك من شركة سوميتومو وذلك بعد انسحاب أحد المستثمرين وهي شركة مالاكدف الدولية الماليزية من المشروع الذي كان مقرراً أن يكون لتحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية. وتفيد بعض التقارير أن الحكومة ستعيد طرح هذا المشروع على الشركات خلال الأشهر الستة القادمة ولكن مع إبقاء المشروع تحت سيطرة الدولة.
إن التوجُّه نحو التنمية التي تقودها الدولة قد يؤدِّي إلى ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الحكوميّ غير النفطيّ في الناتج المحليّ الإجماليّ هذا العام. في عام 2008 ساهمت الحكومة بنسبة 22 في المائة من الناتج المحليّ الإجماليّ مقارنة بنحو 46 في المائة للقطاع غير النفطيّ ونحو 31 في المائة لقطاع النفط. من المتوقَّع أن ترتفع هذه النسب قليلاً لصالح الدولة في عام 2009 ولكن ليس من المتوقع أن يترك ذلك أثراً كبيراً في القطاع الخاصّ. ونتوقع أن الناتج المحليّ الإجمالي للقطاع الحكوميّ غير النفطيّ سيرتفع إلى 3.8 في المائة هذا العام مقارنة ب 3.5 في المائة للعام الماضي وهو الأمر الذي أدَّى إلى تعويض التراجع الذي حصل في القطاعات الأخرى.
تكلفة الطاقة الإنتاجية غير المستغَلّة من النفط
من المؤكَّد أن المملكة تريد عودة التعافي المستدامة للاقتصاد العالميّ. فليس من مصلحة المملكة إلحاق الأذى بعودة التعافي للاقتصاد العالميّ والتي لا تزال تبدو حتى الآن حَذِرة إن لم نقل إنها لا تزال هَشّة. وكون المملكة تحتل المكانة الأولى بين مُصدِّرين النفط في العالم فإن دورها الأساسيّ في عملية إعادة العافية للاقتصاد العالميّ هو سعيها الحثيث للإبقاء على أسعار نفط مستقِرّة داخل منظَّمة الدول المصَدِّرة للنفط (أوبك) والعمل في الوقت ذاته على ضمان توفير ما يكفي من الاستثمارات في مشاريع النفط؛ وذلك لتعزيز القُدْرة على تلبية الطلب الذي سيزداد خلال دورة الازدهار القادمة في الاقتصاد العالميّ.
وإذا كان سعر برميل النفط لا يزال نحو 70 دولاراً للبرميل في ظلّ أسوأ ركود شهده العالم منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو: أين ستصل أسعار النفط حالما يستعيد الاقتصاد العالميّ عافيته ويرتفع الطلب العالميّ على النفط؟ إن إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية في توقعاتها الأخيرة على المدى القصير، توقَّعتْ أن استهلاك العالم من النفط خلال الربع الأخير سيرتفع مقارنة بالعام الماضي وسيسجل أول ارتفاع على مدى خمسة أرباع. وأكَّدت تصاريح سابقة لوزير النفط المهندس علي النعيمي على التزام المملكة ببذل كل ما يمكن لمنع تكرار تذبذب الأسعار الذي حدث في عام 2008. فعندما تأرجحت الأسعار بين السعر الأعلى الذي اقترب من 150 دولاراً للبرميل وبين 30 دولاراً للبرميل فإن لدى المملكة الآن فائضاً كبيراً من النفط ولا سِيّما بعد قرار أوبك بخفض الإنتاج هذا العام لمنع المزيد من التدهور في أسعار النفط. فالمملكة تنتج ما يقرب من 8.2 مليون برميل في اليوم مقارنة بقُدْرتها الإنتاجية التي تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم. إن الإبقاء على هذا الفائض الهائل غير المستخدم والذي يصل لحواليّ 30 في المائة من إجماليّ الطاقة الإنتاجية يكلف المملكة ثمناً باهظاً غالباً ما يتجاهله المجتمع الدوليّ. فالمملكة تتحمَّل خسائر كبيرة؛ وذلك بسبب تكلفة الاحتفاظ بهذه القُدْرة على الإنتاج، علماً أن هذه الطاقة سيتمّ استخدمها حالما يرتفع الطلب على النفط.ويذهب بعضهم إلى القول بأنه إذا أرادت المملكة أن تستمِرّ في لعب دور البنك المركزيّ للنفط، فإن عليها زيادة طاقتها الإنتاجية، إلا أن بعضهم يمكن أن يرد بقوله إن ذلك ليس بالأمر الصحيح تماماً؛ فيمكن للمملكة أن تركِّز اهتمامها فقط على مصالحها الوطنية وأن تنتج ما يكفي من النفط الخام لتلبية الطلب المحليّ وضمان عوائد تكفي لتغطية نفقاتها. وبالتخلي على مر التاريخ عن هذا الخيار فإن المملكة تنفق ما يزيد على عشرين مليون دولار يومياً للمحافظة على طاقتها الفائضة. وتفيد تقديراتنا أن المملكة تتكبَّد خسائر بسبب ذلك تُقدَّر بنحو 53 مليار دولار على الأسعار الحالية للنفط. كما أن المملكة التي تستثمر 130 مليار دولار في مشاريع الطاقة على مدى السنوات الخمس القادمة، قد استثمرت ما يقرُب من 65 مليار دولار لرفع طاقتها الإنتاجية إلى المعدَّلات الحالية.
عودة مشاريع الطاقة إلى مسارها السابق
بالرغم من تكاليف الإبقاء على القُدْرة الإنتاجية غير المستخدَمة. فإن شركة أرامكو التي تمتلكها الحكومة السعودية وشركاؤها في القطاع الخاصّ، نجحوا في إعادة مشاريع التكرير المشتركة إلى مسارها السابق في فصل الصيف وذلك بعد تحسُّن أوضاع أسواق الاعتمادات وبعد تراجع أسعار السلع التي أدَّت بدورها إلى تراجع تكلفة موادّ البناء. فقد أخَّرت شركة أرامكو وشركة توتال الفرنسية طرح عقود جديدة تتعلَّق بمشروع مصفاة النفط هذا العام؛ لأنهم ينتظرون أن يقدِّم المقاولون أسعاراً أقلّ من التي قُدِّمت في السابق. وفي هذه الأثناء، قامت شركة أرامكو وكونوكو فيليبس باستئناف العمل في محطة تكرير في شهر يونيو بطاقة إجمالية تصل إلى 400.000 برميل يومياً، وذلك بعد أن أوقفت المشروع بسبب الأزمة المالية العالمية.
ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن المصارف المحلية والعالمية قد تتردد في تمويل مثل هذه المشاريع. فعلى المصارف التمييز بين المشاريع الجيدة والمشاريع السيئة، وبين الأعمال الخاصة "الجيدة" وبين تلك المعرَّضة للمخاطر. نحن نرى أن مشاريع الدولة التي تطلقها أرامكو السعودية وسابك وكهرباء السعودية وشعيبة للماء والكهرباء وغيرها من الشركات الحكومية، هي مشاريع قليلة المخاطر وتقدِّم عائداً جيداً وانتشاراً واسعاً. يجب أن يبقى معدل المخاطرة لدى المملكة منخفضاً وتعمل دائماً على الارتقاء بقدرتها للحصول على تمويل أجنبي لتنفيذ مشاريع ضخمة بتمويل حكومي.
زيادة مفرِطة في الإنفاق ولكن تحقيق الفائض لا يزال ممكناً
بينما أسعار النفط لا تزال قريبة من السعر العادل المستهدَف ولكنها أقل منه، فإن لدى المملكة مجالاً للمناورة في إنفاقها على مشاريع البنية التحتية في الوقت الذي تشجِّع القطاع الخاص على الدخول والمشاركة في هذه المشاريع. الصورة القائمة الآن هي أن الدولة هي العميل للمشاريع الكبيرة التي يتمّ تنفيذها، بينما تقوم شركات خاصّة كبيرة بتنفيذ هذه المشاريع، عندما أعلنت الحكومة عن ميزانية عام 2009 في ديسمبر، كانت أسعار النفط قريبة من عتبة أربعين دولاراً للبرميل أو أقلّ من ذلك.
فلو بقيت أسعار النفط قريبة من ذلك المعدَّل لما أقدمت الحكومة على زيادة الميزانية بهذا الشكل الهائل، على الرغم من قُدْرة الحكومة على إدارة الإضافات التي طرأت على الميزانية، ولكن أصول الدولة الخارجية كان يمكن أن تتراجع بسرعة أكبر بسبب تمويل الإضافات التي طرأت على الميزانية؛ فعوائد النفط بلغت نحو 89 في المائة من إجماليّ عوائد الدولة خلال العام الماضي، وهو معدَّل لا بُدّ من المحافظة عليه وعلى نطاق واسع خلال العاميْن القادميْن.
إن تحسُّن أسعار النفط في الربع الثالث لعام 2009 ليصل إلى 68 دولار للبرميل ساعد خُطّة المملكة للإنعاش الاقتصاديّ ويبدو أن المملكة تسعى الآن لتحقيق فائض على إجمالي الإنفاق المتوقَّع لهذا العام وأن تستمر في الإنفاق الزائد لدعم الاقتصاد المحليّ. ففي عام 2008، زاد الإنفاق عن توقُّعات الحكومة بنحو 27 في المائة وأنفقت وزارات الحكومة نحو 520 مليار ريال سعوديّ في وقت سجَّلت فيه الحكومة فائضاً قياسياً قُدِّر بنحو 590 مليار ريال سعوديّ.
وعلى الرغم من أن عوائد الدولة مرشَّحة للتراجع عام بعد عام قد يصل إلى 47 في المائة بحسب تقديراتنا، فإن الأمر قد يتكرَّر هذا العام ولا سِيّما أن قطاعات مثل التعليم والصحة والمياه والسكك الحديدية تحتل أولوية قصوى في إنفاق المملكة. ونتوقع أن يصل إنفاق الدولة الفعليّ لهذا العام نحو 579 مليار ريال وهو معدَّل قريب من فائض الميزانية للعام الماضي، وبنهاية الصيف أنفقت الحكومة ما يقرب من 505 مليار ريال بحسب تقديراتنا.
تمويل الزيادة في الإنفاق
يصعب معرفة إنفاق الحكومة بالتحديد قبل أن تنشر وزارة المالية الموازنة الأولية في ديسمبر، لذا سيتم الاعتماد على موازنة مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) التي تُعنى بإدارة الأصول الأجنبية للمملكة.
اعتمد المصرف المركزي إلى حد كبير على الودائع المصرفية في الخارج من أجل تمويل الإنفاق. ووصلت قيمة هذه الأرصدة في أغسطس إلى 225,13 مليار ريال أي أقل ب159 مليار ريال (أو أقل ب41%) من ودائع شهر نوفمبر الفائت. ولوحظ أيضاً تدنٍّ بنسبة 6,2% أو ب71,92 مليار ريال في استثمارات "ساما" في السندات المالية الأجنبية.
وليست هذه السيولة التي توازي 231 مليار ريال سوى جزء من إجمالي نفقات الدولة. وتقدر عائدات هذه الأخيرة من تصدير النفط ب135 مليار دولار أمريكي أي 506 مليار ريال هذا العام. إلا أنه منذ أغسطس يُخصص 2,7 مليار ريال فقط ليعاد استثمارها في السندات المالية الأجنبية أو لإيداعها في المصارف الأجنبية.
ومنذ أشهر قليلة بدا من المستحيل للمملكة أن تستفيد من الفائض لهذا العام، نظراً للحد من إنتاج النفط وخطط الإنفاق الضخمة التي اعتمدتها الحكومة. وتوقعت هذه الأخيرة عجزاً يُقدَّر ب65 مليار ريال في الموازنة، لتسجل العجز الأول لها منذ عام 2002. إلا أن عائدات الدولة من النفط يُفترض أن تفوق توقعاتها لهذا العام. في الواقع يُقدّر متوسّط سعر برميل النفط السعودي لهذا العام ب58 دولار أمريكي، وإن استمر إنتاج 8 مليون برميل نفط يومياً على ما هو عليه، كما هو متوقع، فستصل العائدات إلى 581 مليار ريال مما سيمكن الحكومة من جني فائض صغير ولكن مهم من الناحية النفسية يوازي 2.3 مليار ريال.
وتؤكد البيانات الأخيرة لمؤسسة "ساما" هذا التقييم، إذ سجلت المؤسسة في شهر أغسطس أول مكسب لها منذ تشرين الثاني/نوفمبر من صافي الأصول الأجنبية. كما ارتفعت استثماراتها في الأوراق المالية الأجنبية بنسبة 0,6% وارتفعت ودائعها في المصارف الأجنبية أيضاً بنسبة 0,9%. وتشير هذه الأرقام إلى أن الحكومة السعودية سجلت أول فائض سيولة لهذا العام.
على مشارف الانتعاش
أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة إشارات إيجابية للاقتراب من الانتعاش الاقتصادي في المملكة العربية السعودية فيما بدأت النفقات العامة التحفيزية تعزز ثقة المستثمر في القطاع الخاص. بات من المرجح إذاً أن نشهد بداية التغير في الأشهر الأخيرة من عام 2009، لكن الارتداد سيكون حذراً بما أن القطاع الخاص وقطاع المصارف سيتبنون سلوكاً أكثر حذراً تجاه المخاطر وحفظ رؤوس الأموال.
من وجهة نظرنا، لا يعود التباطؤ في استثمارات القطاع الخاص إلى نقصٍ في السيولة لأن الأعمال والمصارف تستمر بكسب المال النقدي. ومع ذلك لا شك في أن قلة الاستثمارات تبطئ الاقتصاد نوعاً ما. ويُتوقع أن يستمر السلوك الاحترازي في الأشهر الأولى من العام 2010. ولكن إلى أي مدًى سيساهم هذا السلوك في دعم انتعاشٍ اقتصاديٍّ كاملٍ؟
نفضل اعتماد الحذر سياسةً في الوقت الحالي، على الأقل في الربع الأول من عام 2010، بانتظار أن يتكيّف الجو العام في مجال الأعمال مع التوجه العالمي. إذ إن أداء الأسهم العادية العالمية سيحدد التوجه في سوق الأسهم المحلية وفي الأعمال وفي والإقبال على المخاطر. ولا حاجة للتذكير بأن الأسهم السعودية وغيرها من الأسهم العربية ارتبطت بأداء السوق العالمي في انهيارها أكثر مما ارتبطت به في ارتفاعها.
انتعاش القروض المصرفية
بعد التدهور الحاد الذي شهده مطلع هذا العام بدأ قطاع المصارف يبدي مؤشرات تعافٍ لجهة الإقراض. فنمو القروض في القطاع الخاص وتحسن دعم التجارة الأجنبية يؤكدان ذلك وسيتيحان عودة نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 4% في المائة عام 2010 وفقاً لتقديراتنا الأولية. يُذكر أن المصارف كانت بدأت تحد من القروض الممنوحة في ديسمبر بعد مدة من انكماش القروض بشكلٍ عام في النصف الأول من السنة. أما القروض الضخمة فجُمدت. واعتمدت المصارف سياسات إقراض أكثر حذراً نظراً لضيق السوق الائتماني العالمي وعادت لتركز على اجتذاب الودائع، حتى تعدت نسب الاقتراض مقابل الإيداع 85% في بعض الحالات. من جهة أخرى، لا شك في أن قضية مجموعتي شركات "سعد" و"القصيبي" وعدم قدرتها على تسديد الديون أثرتا سلباً على صورة الشركات السعودية في العالم. لكن المشهد العام على صعيد الشركات والاقتصاد الكلي يبدو سليماً وهناك ما يدعو للاعتقاد بأن تأثير هذه الاضطرابات على القروض المصرفية سيضمحل إلى حد ما العام المقبل. وسيكون على الشركات السعودية تعزيز شفافيتها تماشياً مع متطلبات المصارف المقرضة المحلية والدولية.
ازدادت القروض المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص بنسبة 1,9% في أغسطس مسجلةً أعلى مستوى لها منذ سبتمبر من العام الفائت، حين أدخل إفلاس المصرف الاستثماري "ليمان براذرز" العالم في الأزمة المالية من بابها العريض. وتعطي أوراق الاعتماد أيضاً فكرة عن الاقتصاد السعودي لجهة واردات المملكة الضخمة، ما يشير أيضاً إلى التحسن. وفي أغسطس أيضاً سجلت أوراق الاعتماد ارتفاعاً بنسبة 7,9% بالمقارنة مع الشهر السابق، على الرغم من أن أوراق الاعتماد السنوية كانت لا تزال تسجل تراجعاً بنسبة 31,5% بالمقارنة مع العام الفائت. أما أوراق الاعتماد الجديدة فبشرت بارتفاع بنسبة 3,9% في الشهر التالي.
ويتوقع أن تقدم سياسة معدلات الفائدة التي تضعها مؤسسة النقد العربي السعودي دعماً للانتعاش ما إن يستعيد القطاع المصرفي عافيته. كما أن معدلات الفائدة بين المصارف (سيبور) سجلت حداً أدنى قياسياً قارب 0,65% مدة ثلاثة أشهر منذ يونيو حين خفضت مؤسسة "ساما" سعر الريبو العكسي (أي إعادة الشراء)، الذي يمثل سعر الإيداع لدى المؤسسة من قبل المصارف، ب25 نقطة أساس إلى ربع في المائة في محاولة لتشجيع المصارف على عدم التمسك بالسيولة. وكانت "ساما" خفضت منذ ديسمبر سعر الريبو العكسي ب175 نقطة أساس وسعر الريبو المعياري، الذي يمثل سعر الإقراض للبنوك من قبل المؤسسة، بمائة نقطة أساس. ويرجَّح أن يكون التخفيض الأخير الذي قامت به "ساما" نهاية دورة التساهل النقدي.
نتيجةً لهذه الإجراءات، أبدت المصارف ميلاً أقل للإيداع لدى ساما. فقد أودعت المصارف في أغسطس 65,6 مليار ريال لدى "ساما" أي أقل بكثير من أي شهر في 2009. ويشير ذلك إلى تدفق السيولة إلى الاقتصاد المحلي فيما ارتفعت الاستثمارات في الخارج في الشهر نفسه إلى 95 مليار ريال من 66 مليار في فبراير.
الهامش (في المربع المظلل): تقدم الأسهم السعودية
ساهم وضوح شركتي "سعد" و"القصيبي" وملاءتهما بالإضافة إلى الإشارات بأن مشاكل الإعسار عن تسديد الديون هذه لن تنتقل إلى مؤسسات سعودية أخرى في دعم الانتعاش الاقتصادي الأطول في سنتين على صعيد سوق الأسهم، وبالأخص أسهم تداول، وذلك في أواخر سبتمبر. فقد ارتفع المؤشر بنسبة 12,2% بين في شهر سبتمبر بفضل أرتفاع أسهم المصارف. وبقي المؤشر مستقراً في الأيام العشرة الأولى من أكتوبر. في الواقع ارتفعت المؤشرات بعد مدة من التباطؤ خلال شهر رمضان، واستعاد السوق عافيته حتى استقر عند 6300 نقطة ولكن هذا لا يعني أنها قد لا تتراجع. كما أننا نعتبر أن قضية "سعد" و"القصيبي" يجب أن تجد حلاً وأن تفضي إلى حلول ملموسة وليس إلى المزيد من الشكوك. علاوةً على ذلك، إن استقرار سعر برميل النفط فوق 65 دولار يدعم الاقتصاد ويخفف ضغوط البيع عن الأسهم المحلية. وبناءً على معلوماتنا عن السوق، نظن أنه في الأسابيع الأربعة الأخيرة ازدادت اتفاقيات المقايضة بين الشركات المستثمرة الأجنبية، ما يعطي زخماً أكبر للاقتصاد. كما بلغت قيمة الاتفاقيات المتبادلة الخارجية 921 مليون ريال في سبتمبر أي بزيادة 48 في المائة عن شهر أغسطس. بالطبع يصعب استشراف توجه السوق دائماً لأنه يعتمد في معظم الأحيان على مزاج الأفراد المستثمرين المحليين الذين تشكل تقلبات البورصة بالنسبة لهم موضوع حديثهم اليومي المفضّل. سيعتمد أداء السوق بالتالي في الشهر القادم على رد فعل المستثمرين على نشرة عائدات المصارف والمؤسسات الرئيسة وأرباحها في الربع الثالث من السنة. وتتبع مؤشرات الأسهم توجه السوق الدولية، كمؤشر "داو جونز" الأمريكي مثلاً، لأنه ليس هناك من إشارات لانفصال السوق المحلية عن السوق الدولية. أما إن كنا سنسلّم بنظرية الذين يعتبرون أن الأسهم المحلية قد شهدت إسرافاً في البيع فهذا يعني أن أسعار الأسهم المحلية ستنخفض أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.