صبرت جماهير النصر كثيراً منذ أن تخلى فريقها عن عنفوانه وكبريائه، وحضوره بطلا لكبرى البطولات السعودية، وداعماً أولاً للمنتخبات الوطنية، وظلت مثالاً يحتذى في العشق الخالد لشعار ناديها، والوقفة التاريخية الصادقة بملئ المدرجات أينما حلَّ الفريق، ومهما مثله من أنصاف لاعبين كانوا يقودونه لإخفاق تلو إخفاق. ومع تغيير الموازين التي صنعها نظام الاحتراف بين الأندية، وضياع الهويَّة النصراوية، وسوء انتقاء بعض أعضاء الإدارة، وطغيان المجاملات، واعتزال النجوم، وضعف ذات اليد، والمشاكل مع أعضاء الشرف الداعمين، توقف استقطاب النجوم المحليين الدوليين الذين توزعوا بين الأندية صاحبة الأموال، وساهم عدم الاهتمام بالقاعدة في القضاء على مواهب عدة، وهروب أخرى إلى المنافسين، ما جعل النصر يتراجع تدريجياً ويتخلى عن جميع مكتسباته التي صنعها في زمن ماجد ويوسف ومحيسن والهريفي حتى وصل الحال قبل ثلاثة أعوام ليحتل المركز التاسع!!. جماهير النصر تريد بطولة، والذين بالغوا في الإشادة بالفريق بعد فوزه على القادسية على طريقة "ما يريده الجمهور المنتشي" هم أنفسهم من حوَّل الإشادة بقاعدة النصر اليوم التي هزمت الهلال على صعيدي الناشئين والشباب، إلى قاعدة هشة، ومستقبل مظلم لمجرد الخسارة من الهلال في كأس فيصل على طريقة "ما يطلبه الجمهور الغاضب" !!. إدارة النصر لا تزال في أشهرها الأولى، وعملها الجيد معرض للخطأ، والجهاز الفني الذي اختير بعناية هو الآخر بحاجة للفرصة والوقت؛ خصوصا وأن فترة التسجيل الأولى ساهمت في تعديل كثير من الأمور، وأظن أن عملا مقبلا من شأنه أن يضيف المزيد من التطوير، والقوة لفريق لا يزال يحبوا نحو بناء هدمتْه سنوات طويلة فكيف يعود في أربعة أشهر؟!. وأعتقد أن من أهم معززات تفاؤلي بإمكانية نجاح هذه الإدارة هو نقلها للنصر من سنوات الفقر، واستجداء رؤساء الأندية المنافسة للحصول على حفنة ريالات لا تغطي مكافأة فوز بمباراة، إلى نصر الملايين الذي ينافس على استقطاب أبرز النجوم الدوليين، ويملأ رئيسه الخزينة (الصفراء) بما يسيِّر شؤون النادي في مختلف الألعاب والدرجات دون استجداء أعضاء الشرف، ولا غيرهم. إدارة النصر تعمل على مختلف الأصعدة، وأعلم حقيقة ما يحدث في الفئات السنية من جهد جبار، سواء في العمل الفني، والاهتمام بالمواهب، أو حتى في تطوير المنشآت والملاعب والنواحي التنظيمية، وما أطالب به فقط هو التعامل بمنطق الكرة التي لا تحوِّل فريقاً فاز بمباراة دورية إلى بطل، ولا تحكم عليه بعد أيام قليلة بالفشل الذريع لخسارة ثلاث نقاط، وكم هو مهم تذكر أن الطموح العالي للجماهير لن يتحقق بين ليلة وضحاها.