أجبرتني ظروف ومتطلبات الحياة على مراجعة العديد من المؤسسات والقطاعات الحكومية المدنية، و العسكرية، وخلال تجاربي المتعددة في هذا المجال تأكد لي أن سياسة الباب المفتوح لدى أغلبية الجهات ومسئوليها هي باب مغلق محكم الإغلاق ، وأنها مجرد مثاليات ( خيالات) تدور أحداثها في التصريحات واللقاءات الإعلامية ولا وجود لها على أرض الواقع، فمسئول ذلك القطاع.. أو مدير تلك المنشأة.. وصاحب المعالي في هذا المكتب يحيط به طاقم كبير من السكرتارية والإدارات المساندة ، التي تحجبك عن مقابلته وتقديم طلبك وتوضيح حاجتك!! وذلك لعدم وجود يوم محدد لمقابلة الجمهور لدى العديد من الجهات، فتجد الناس يحضرون من داخل المدينة وخارجها لإنهاء أعمالهم وفي النهاية يصدم صاحب الحاجة المنتظر ساعات طويلة بخروج السكرتير أو مدير المكتب معلناً أن معاليه أو سعادته يعتذر عن المقابلة !! مما تنشط بأسبابه أعمال الوساطة والمجاملات لمنحك فرصة لقاء هذا المسئول الذي وضع أصلا بهذا المنصب لخدمة المواطن وتحميلك بذلك جميل أنت في غنى عنه. والحقيقة التي تفرض نفسها أن هناك نماذج أخذت بمبدأ الباب المفتوح مع أفراد المجتمع، وتحديد وقت بشكل يومي للقاء الناس والوقوف على احتياجاتهم وحل مشكلاتهم أمثال الأمير سلمان بن عبد العزيز – أمير منطقة الرياض الذي يعتبر منهجاً يحتذى به في مقابلة الجمهور ضارباً أروع الأمثلة لغيره من المسئولين للسير على نهجه في هذا المسار، ونحن أملين أن يستفيد منه الكثير من مسئولي تلك الجهات لتلمس حاجات الأفراد، والوقوف على مصالحهم في الحياة . ما الذي يا ترى سيخسره أولئك المسئولون الذين وضعهم ولاة الأمر لقضاء حاجات الناس وتيسيرها ، ماذا يمكن أن يخسره أولئك لو أنهم اقتدوا بولاة الأمر وقاموا بتحديد جزء يسير من وقتهم لاستقبال الناس بعيداً عن أي رسميات أو حواجز تعيق تواصله مع أفراد المجتمع لخدمتهم وتلمس مشكلاتهم في حدود صلاحياته وتخصصه، ولا ينبغي أن ينسى أو يتناسى قبل أن يكون ذلك إرضاء لمسئوليه وقيادته هو إرضاء لله فتلك مسئوليته أمام الله ، وللأسف الشديد أن بعضاً من المسئولين قد يظهر أمام مسئوليه الإخلاص والمثالية في تحمل هموم الناس، والسعي لقضاء حاجاتهم . الأمر لا يعد كونه تحملاً للمسئولية والأمانة اقتداءً برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول " كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته " وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاَ فرفق بهم فرفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فشقق عليه " . كلنا أمل ورجاء في أميرنا ووالدنا المحبوب إلى قلوبنا الأمير سلمان بن عبد العزيز، أن يعمم منهجه الإداري على كافة القطاعات في العاصمة، المنهج الذي ارتاح له الضعيف قبل القوي والصغير قبل الكبير، لتحديد كل مسئول في مختلف القطاعات يوماً لمقابلة المواطنين، ليصبح يوماً ثابتاً من قبل سموه ومعلناً للجميع على موقع الإمارة الالكتروني، وموقع الجهة الالكتروني، فلا أعتقد أن مشاغل أولئك المسئولين أكثر من مشاغل سمو أمير الرياض الذي يقابل أفراد المجتمع بشكل يومي بعد صلاة الظهر في مكتب سموه بالإمارة للاستماع لمشاكلهم وتيسير أمورهم الحياتية، بالإضافة إلى مقابلته للمواطنين مساء كل يوم اثنين في منزله العامر مفضلا بذلك راحة الناس على راحته الشخصية، ومعتذرا عبر الصحف عن مقابلتهم بمنزله بوقت مبكر في حال انشغاله عن المقابلة لعدم تكبيد المواطن عناء ومشقة الحضور. والسؤال الذي يطرح نفسه أين نحن من مبدأ الملك عبد العزيز رحمه الله واهتمامه بكافة مصالح المواطنين، المبدأ الذي لو تم تطبيقه من قبل المسئولين لأصبح أنموذجا يحتذى به في فن التعامل وقضاء مصالح المواطنين، فقد كان طيب الله ثراه يستقبل مواطنيه في كل مكان ، وفي حله وترحاله، فلا يوجد بينه وبينهم أي حاجز. ولقد استشعر رحمه الله حجم الأمانة والمسئولية تجاه أمته ومجتمعه في أن يعرض نفسه لكل الناس لقضاء مصالحهم ومعايشة همومهم، خوفاً من الله أن يسأله لماذا احتجبت من الناس، ولم تتعرض لهم فتعرف معاناتهم ومشكلاتهم.