حسب تقرير ممارسة الأعمال (2010 Doing Business) صعدت السعودية في قائمة الاقتصاديات التنافسية والجاذبة للاستثمار بسرعة معقولة، ووصلت إلى المرتبة 13 توطئة لتحقيق رؤية الهيئة العامة للاستثمار الموسومة 10X10 بمعنى الوصول إلى المرتبة 10 بحلول أو نهاية 2010 (لا فرق كلها شهور وتطير بسرعة البرق في عصر تسارع الزمن)، هذا التقرير يقيم بيئة الأعمال في دول العالم المختلفة ويضع ترتيبا لهذه الدول حسب مؤشرات فرعية تقيس التكاليف والوقت اللازم للإجراءات المؤثرة على أداء الأعمال وسهولة بدء المشروعات والقدرة على الحصول على التمويل وتسجيل الملكية وبعض الأمور المتعلقة بالقضاء وغير ذلك. أغلب المؤشرات التي حصل فيها تقدم تهتم بعملية جذب الاستثمار الأجنبي وتحسين البيئة الاستثمارية للشركات متعددة الجنسيات وهي قد لا تحتاج "فزعة" عربية في اختراق الأسواق العالمية في حين أن المستثمرين المواطنين يعصرهم الروتين عصراً وتمسك البيروقراطية بتلابيب أفكارهم ومشاريعهم كما الصمغ العربي الأصلي، ما يجعلنا نستذكر البيت العربي الشهير: حرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس!! يفرحنا بلا شك التحسن الكبير في بيئة الاستثمار المتاحة للأجانب بسبب فوائدها العظيمة على الاقتصاد الوطني وهذه خطوة عملاقة تحسب للهيئة العامة للاستثمار ولكن دائما ما يكون التوازن مطلوبا والعدالة في الحوافز أصبحت "عرفا" إلزاميا للاقتصاديات الحية. فالدول المتقدمة تبحث عن الانجازات المبنية على البراهين والمشاهدات (أي الحقيقية) وتحترم الجوائز والمقاييس القائمة على مؤشرات ومعايير متعددة من باب أن التقدم على جبهة تحسين بيئة الاستثمار الأجنبي في البلد لا تدمر الفرص المتاحة للمستثمر المواطن أو تنتهك حقوق وخصوصية المجتمع أو تمس الثقافة المحلية والبيئة العامة بما يسوء وهكذا؟! في الوقت الذي يجد فيه المستثمر الأجنبي نوعا من "التدليع" في أحياء الرياض الراقية ويقابله (موظفون ناعمون)، عندما يريد تسجيل شركته فإن رجل الأعمال المواطن "يتمرمط"، في غبيرا وخنشيليله ويواجه الموظف الشهير (أبو لطمه)، ولا يتم إنهاء إجراءات الشركة إلا بعد طلعة الروح وفي بعض الأحيان طلعة (المصاري)؟! رجال الأعمال المواطنين أصبحوا مثل البلابل التي لا تستطيع الدوح على غصن الوطن في حين أزعجتهم عصافير سيرلنكا، الصورة الهزلية التي تظهر اقتصادنا يمشي "أعرج ويتمايل"!! في بعض الأحيان تورمت من خلال التقرير الفرائحي نفسه الذي اظهر التحسن في بعض الإجراءات ولكن كشف عن تراجع كبير في مؤشر توظيف العاملين خاصة صعوبة توظيف عمالة جديدة والمسائل المتعلقة بساعات العمل ومرونة نظام العمال، وهناك الكثير مما لم يظهر في التقرير ويختبئ خلف البانوراما الإعلامية المدهشة والمؤتمرات العالمية الصاخبة مثل المقاول الأجنبي البسيط الذي يتخلص من الكفيل سواء برضاه أو بسخطه ويتحول إلى مستثمر أجنبي لا يشق له غبار ويقتات من عقود الباطن، لعبة المقاول الأجنبي اليوم تبدأ بالحصول على عقود مقاولات ضخمة بطرق عجيبة وحيل غريبة ثم يحولها من الباطن للمقاولين المواطنين ويطير إلى شواطئ الكاريبي ب "نسبة" خرافية يسيل لها لعاب المواطن الحافي الذي رسمت شمسنا الحارقة على محياه خرائط قوقل. مع ضوضاء الاحتفالية بالمرتبة 13 عالميا في قائمة أفضل بيئة أعمال للاستثمار الأجنبي طرح شاب سعودي معاناته المستمرة منذ سنة ويزيد في سبيل الحصول على تصريح استيراد لدواء شهير ومجرب ويستخدم في الدول المجاورة ولا نور في نهاية النفق؟! لقد غرقت معاملته في بحر لجي من الروتين كما غرقت معاملات المستثمرين المواطنين الذين يريدون بناء مصنع أو تأسيس مدرسة أو وضع لبنة ل "محطة وقود" على الطريق السريع؟! ويستمر المسلسل الهزلي في عدم تحسين بيئة الاستثمار المحلي للمواطنين بظهور من يحاول مشاركة الشاب في مشروعة أو من يتصل بالجهة المصنعة لسحب الوكالة أو من يشترط شروطا تعسفية ليس لها هدف إلا قتل المشروع لمجرد القتل وكأنه في رحلة قنص واستمتاع؟! هذا غيض من فيض معاناة المستثمرين المواطنين في بلادهم، فهل نحتاج إلى تقارير عالمية وجوائز خنفشارية؟! لتحفزنا نحو تحسين بيئة الأعمال للمستثمرين الوطنيين.