أجلت الأحداث الرياضية الأخيرة التي عاشها وسطنا الرياضي عن واقع مؤلم، عكس مدى غياب ثقافة الرأي والرأي الآخر، وأزاح الستار عن هوة الجهل العميقة المتجذرة في عقلية من يفترض أنهم قادة التنوير الرياضي، وأثبت- بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل- أن كثيرا ممن فرضوا أنفسهم حراساً للفكر الرياضي في العقود الثلاثة الماضية لم يكونوا سوى تجاراً يبيعون شرف الصحافة في سوق النخاسة الرياضي ليقبضوا من خلاله ثمناً بخساً. لم يكن فوز الهلال بلقب نادي القرن، وحده الذي وضع على طاولة المقامرين بإنجازات الوطن، فقبله حدث ذات الأمر عندما توج ماجد عبدالله بعمادة لاعبي العالم، وبألقاب أخرى لا تقل قيمة عنها، وحدث الأمر نفسه مع سامي الجابر حينما توجه (الفيفا) أسطورة كروية عالمية، وبألقاب أخرى لم يدانه فيها أحد، ومثل ذلك حينما حقق الاتحاد المركز الرابع عالمياً، وكذلك تناسخت الصورة في انجازات مشابهة، لغير ناد ولاعب من أندية ولاعبي الوطن، ففي كل مرة كانت تلك الوجوه التي بدت متشابهة كعيون الصينيين، تخرج لتنثر حبرها المتعفن بالكراهية، مشككة في حقيقة هذا المنجز، ومقللة من قيمة ذاك اللقب. المشكلة لا تكمن في أزمة الوعي التي يعاني منها هؤلاء، والتي ما برحت تزداد مع تقدم أعمارهم وتقادم تجربتهم، إنما في أثرها على الشباب المطحونين تحت عجلات أفكارهم المريضة، ولكم فيما يحدث في منتديات الأندية خير دليل، ففيها تغتال الفضيلة، وتستباح الأخلاق، تحت ذريعة حب النادي، وحجة الدفاع عنه، وقد لمسنا ذلك حتى وقت قريب، بشائعات تطعن في كرامة الإنسان، وتدوس على آدميته، كل ذلك لمجرد الاختلاف في الميول، حتى أصبح سكب زيت الكلمات الحارق على رؤوس من يخالفنا كما السلام عليكم!. أصبح التنابز بالألقاب لديهم براعة، والتلصص على الحرمات فن، والنهش في لحوم الناس له مذاق لا يعادله مذاق آخر، يحدث ذلك فيما مسؤولو الأندية يغضون طرفهم، وكأنهم بذلك يباركون ما يحدث، كيف لا وكل ذلك يحدث في منتديات البعض منها يملك صكاً رسمياً. إنني أتساءل.. من يحمي هذا الجيل بعد أن ضاعت أجيال سابقة في معارك طاحنة قادها أمراء الحروب الكلامية، بسيوف ورقية، وثقافة خشبية، لم يكن لها هدف سوى تصفية حسابات شخصية بينهم، ثم إلى متى يبقى هؤلاء الغلابة موهمين بحب مزعوم اسمه الميول للأندية، في وقت يفقدون فيه قيمة الميل لمنتخب الوطن. إن مثل هذه الحروب وقودها أولئك البسطاء الذين جعلوا أنفسهم متاريس لأشخاص هم أتفه من أن يوضعوا في مقدمة الصفوف لا قادة لها، ونذروا فكرهم لقضايا لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا لمجرد أنهم صدقوا خديعة الذود عن حمى النادي، ولذلك بات حرياً بالمتنورين في وسطنا الرياضي أن يقودوا حملة تطهير للساحة الرياضية من ذلك الفكر الموبوء، ولن يكون ذلك إلا عبر معركة تنوير تتم فيها تصفية أصحاب الفكر الرياضي الضال، حتى وإن طال أمد المعركة.