لسنا بحاجة إلى مزيد من الخلافات والتنافر في وسطنا الرياضي وبين منسوبي ومشجعي أنديتنا ، هذه العبارة البسيطة كانت بحاجة إلى الظهور في منتصف الأسبوع الماضي حينما ألغى قائد فريق الهلال سامي الجابر فكرة سفره لماليزيا لحضور احتفالات اختيار أفضل لاعب في القارة للعام 2005 ، بغض النظر عن رؤية الجابر لموضوع الجائزة والأحداث التي صاحبتها إلا أن ذلك أحدث منعطفاً كبيراً .. أو لأكون صريحاً أكثر فالأمر لم يكن مجرد منعطف فقط، بل أصبح (هوة سحيقة) في علاقات الأندية داخل هذا الوطن الكبير . لم استغرب كثيراً ردة فعل الجمهور الرياضي لأن الغالبية منهم يحبون أنديتهم من منظور ( عاطفي) ، فمحبو الجابر كانوا متضايقين من مؤامرة يعتقدونها جعلت سامي يلغي فكرة السفر ، محبو المنتشري كذلك كانت ردة فعلهم مختلفة فلم تكن فرحاً بفوز اللاعب بقدر ماكانت سخرية بالجابر ولعل القارئ يطلع على ردود فعل الجماهير من خلال مواقعهم الالكترونية . كإعلامي ، أرثي كثيراً لأسلوب تعامل ( بعض) الأقلام الصحفية مع الحدث ، زوايا ومقالات تجاهلت المباركة للنجم الفائز وتخصصت في إلقاء النكت والسخرية من الجابر وتلفيق القصص حول وصوله المطار وإلغائه السفر وكأنه ليس لاعباً يمثل الوطن أولاً قبل أن يمثل نفسه ، الحال نفسه انطبق على حزب الدفاع - إن جاز التعبير - وهناك من قال إن الجابر تنازل من طوع نفسه عن الجائزة لدعم زميله الشاب ولذلك قرر عدم السفر وكأن الناس لا تقرأ ولا تتابع ولا ( تعي) ! . ياترى .. لماذا وصلنا إلى هذا المستوى من الخلاف والفرقة ونحن أبناء الوطن الواحد ، ألم يكن ترشح اثنين من بلدنا للقب أفضل لاعب في آسيا فخراً بحد ذاته ودليلاً على عودتنا القوية إلى تصدر المقاعد الرئيسية في الساحة الآسيوية عقب ( سقوط الثمانية) ، منتخبنا تأهل بنجاح لم يضاهه أي نجاح آخر ، الاتحاد تأهل بعد أن لفت أنظار القارة بأهدافه ( الكثيرة) ، لاعبان يترشحان للقب أفضل لاعب ، عودة المتابعة لمباريات الدوري المحلي بشكل كبير ( مقارنة بالفترة مابعد 2002) ، أليست تلك الأمور هي غايتنا في التنافس الذي يفترض أن يكون ( شريفاً) . لنتأمل أصحاب الشأن أولاً ، أعجبني الجابر بتعامله مع الحدث بطريقة احترافية، لم يكلم صحيفة بحد ذاتها أو يحرص على الظهور في وسيلة معينة، اتجه إلى موقعه الرسمي وكتب رسالة كانت مليئة بالمفردات ( النقية) التي كانت تقف ضد كل الإساءات التي وجهت للمنتشري، وختم الجابر كلمته الجميلة برسالة خاصة لتهنئة أفضل لاعب آسيوي، صاحب الشأن والقضية الرئيسية في الموضوع تعامل مع الحدث بواقعية شديدة وبنظرة ( راقية) المستوى رغم أنه ( قد) يملك معلومات وحقائق من شأنها إشعال فتيل الحادثة بشكل لا يمكن إيقافه لكنه آثر الصمت وتلك نقطة تسجل لسامي الجابر . قبل سنوات وقبل أن أدخل مجال الإعلام كنت أعتقد أن قمة التعصب والتحدي بين الأندية قد يكون في اتهام حكم بأنه كان قد مثل الفريق المنافس في سنوات سابقة أو أن المعلق أظهر ميوله مع الفريق الآخر، انظروا الآن كيف أصبحنا وتأملوا قليلاً أحاديث مجالسنا الرياضية وحتى المجالس الاجتماعية التي لا يكون محورها الرئيسي هو الكرة ، أصبحت مصطلحات ( الرشوة) و( الشرهات) والتلاعبات هي المحور الأساس، غابت أحاديثنا الجميلة والبسيطة حول حركة اللاعب الفنية الجديدة والعبارات التنافسية بين الأندية لتحل مكانها عبارات أفسدت الجو الرياضي وغيبت كل معاني الجمال فيه . ماذا بقي أكثر كي نختلف فيه ، هل نسينا أو تناسينا كل معاني التنافس الرياضي الشريف في غمضة عين ، وهل (قضية المنتشري والجابر) ، هي قطرة من بحر مشكلات قادمة تعصف برياضتنا ؟، جميعنا يخشى ذلك . ما أتمناه إقفال ملف الجائزة أو بمعنى آخر توقف أي طرح سلبي يتعلق بالجابر والمنتشري وهما عينان في رأس وينتظرهما مهمة وطنية في ألمانيا وكذلك إقفال الملف حفاظاً على لحمتنا وأن لا تكون مثل هذه الأمور سبب في فرقتنا وتحولنا إلى فريقين متحاربين على أمور تافهة يتطلب الأمر فيها تحكيم العقل وتغليبه على العاطفة . [email protected]