مدهشة هذه التجربة التي تزعم أن مجموعة من العلماء وضعوا سبعة قرود في قفص واحد ، ونصبوا سلّما في وسط القفص ينتهي هذا السلم بعنقود من فاكهة الموز الأثيرة جدا لدى القرود .. وفي كل مرّة يُحاول أحد القرود الوصول إلى الموز يقوم العلماء برش بقية القرود بالماء البارد ! . بعد فترة قصيرة أصبح كل قرد يتسلق السلم للحصول على الموز ، تقوم بقية القرود متضامنة بمنعه ، وضربه حتى لا تتعرض للرش بالماء البارد ، وبمضي فترة ليست طويلة لاحظ العلماء أن أيّا من القرود السبعة لم يعد يجرؤ على صعود السلم للحصول على الموز فاكهتهم المفضلة خوفا من التعرض للضرب من بقية القردة ! ، عندها قرر العلماء استبدال أحد القرود السبعة بقرد جديد ، وكان أول ما فعله القرد الجديد فور دخوله القفص أن صعد السلم في محاولة للوصول إلى الموز .. لكن القردة الستة التي خاضت التجربة منذ البداية باشرته بالضرب ، وأجبرته على النزول ، وبعد عدّة محاولات أدرك القرد الجديد أن عليه ألا يصعد السلم وإلا فسيتعرض للضرب ، دون أن يعرف السبب . طوّر العلماء تجربتهم فاستبدلوا أحد القرود الستة القديمة بقرد جديد أيضا ، وحلّ به ما حلّ بالقرد البديل الذي سبقه ، وهكذا استمر العلماء يبدلون بقية القرود التي خاضت تجربة الرش بالماء البارد الواحد تلو الآخر .. إلى أن أصبح في القفص سبعة قرود جديدة لم يتعرض أيّ منها للرش بالماء البارد .. إلا أن السبعة كلها تعرضت للضرب من بعضها البعض بمجرد محاولة صعود السلم ، وأيضا دون أن تعرف السبب . وهنا استنتج العلماء أن القرود دخلت دون أن تعي مرحلة الإذعان بحكم الألفة السلوكية التي توارثوها داخل ذلك القفص ، ومن ثم الخوف من المجهول الذي ( قد ) يحدثه التغيير . في حياتنا العامة أخذت الخصوصية التي ظل البعض ينفخ فيها بلا كلل ، دور البطولة كبديل للماء البارد في التجربة آنفة الذكر ، إلى أن سيطرت ذهنية الإذعان للواقع بحكم ( الألفة الآبائية ) على الفكر الاجتماعي ، وقيدته بسلاسل الخوف من المجهول الذي قد يأتي به التغيير وإن كان وهما ، حتى أصبح دعاء ( الله لا يغير علينا ) الدعاء الأثير ، واللازمة التي تقفل بها كل مواضيع التفكير، رغم أن الأدعى أن نتمنى وندعو الله أن يغير علينا دائما للأفضل والأجمل والأتمّ .. خاصة وأن التغيير إحدى سنن الحياة ونواميسها ، مهما تورّمت ذهنية الإذعان ، وبالأخص عندما يقيض الله بزوغ قيادة تاريخية تستطيع أن تتصدى لوهن الإذعان ، بتحفيز العقل السجالي والإبداعي القادر على ضخ الدماء في شرايينها كأمة حية . يقول أحد المفكرين : " أسلافنا يُرضيهم أن نتفوق عليهم أكثر مما يُرضيهم أن نفاخر بهم وبأمجادهم " .