قال الضَمِير المُتَكَلّم : تقول الحكاية : إن مجموعة من علماء النفس والاجتماع قاموا بإجراء تجربة ميدانية على مجموعة من القُرُود ؛ حيث وضعوا خمسة منها في قَفَص ، ثم عَلّقوا في أعلاه ( بعض الموز ) ، فعندما هَمّ أحدها بالصعود إليه لأخذه فتحوا على القفص بمن فيه الماء الساخن فتراجع ! وبعد لحظات حاول الثاني فتكرر المشهد ، ثم جَرّب الثالث ؛ وهنا قامت بقية القرود بمنعه خوفاً من الماء الساخن ، وهكذا استمرت القِردة في خوفها ! وبعد ساعات أخرج العلماء أحد القرود الخمسة التي عانت من الماء الساخن من القفص ، وأدخلوا ( قِرْداً جديداً ) ، ومباشرة رأى الموز فقز إليه ، ولكن بقية القردة منعته دون أن يعرف هو السبب ( المهم امتنع ) ، ثم توالى إخراج القرود ، وكلّ داخِل تمنعه السابقة من الوصول لغنيمة ( الموز ) حتى أصبح كل من في القفص طارئاً لم ير الضرب بالماء الساخن ، ولكنه لا يجرؤ على الاقتراب من الموز المتاح خوفاً من مجهول نُقِل إليه !! هذه التجربة التي طبقت على الحيوان ، هي واقع ملموس لدى بعض مجتمعات بعض بني الإنسان ؛ ولاسيما في العالم الثالث وتحديداً ( المجتمعات التي دائماً تقودها العادات والخوف من المجهول ) تحت ذريعة الخصوصية أعزائي في حياتنا بعيداً عن مسَلّمَات دِيننا ؛ فإنّ في الكثير من سلوكياتنا وبعض ممارساتنا ، يقودنا ( التعصب للموروث ، وفردية الرأي والفكر ، وما تلقيناه من السّلف ) ،إلى أن تَتحول العَادات إلى ( دين وعِبَادات ) بها يُقْتَل الطموح ، وتُذْبَح المبادرات ؛ فَمَن يُحَاوِل أن يتجاوز تلك العادات ويقتحم الخصوصية المزعومة ؛ على المستوى الفردي أو الاجتماعي فإنه يُضْرَب بسياط الفَسّوق أو الكفر !! أيضاً في إداراتنا كم من مسئول يَعْبد أنظمة وقوانين بالية لا يجرؤ على مخالفتها ، بل إنه يدافع عنها دون أن يكلف نفسه السؤال عن سبب تطبيقها ؛ الذي قد يكون فرضته تجارب وظروف خاصة في حينها ؛ فعادات الناس وقوانينهم تحكمها ظروف زمانهم ومكانهم !! فهل تلزم بها أجيال لاحقة تختلف في معطيات عصرها ومحيطها المكاني !! فهل ذلك سلوك اجتماعي مغروس في النفوس مجبولة عليه ، أم أن هناك مَن يزرعه بين فِئَات المجتمع لأنه الوسيلة التي بها يظلّ مسيطراً عليهم !! ربما ، ولكن المؤكد أن بناء المستقبل يقوم على هدم قيود الماضي والخصوصية الموهومة في كلفة تفاصيل حياتنا !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .