سعدت سعادة يشوبها شك وتخوف عند إعلان إستراتيجية التوظيف السعودية والتي أشارت في أكثر من موقع إلى "تشوهات سوق العمل في المملكة " وهي "القضية " الرئيسة التي أكتب من أجل المساهمة بجهد المقل في معالجتها لأن تلك المعالجة هي المدخل لحل مشكلة البطالة ومن ثم الفقر ومن ثم معالجة أهم مشاكلنا الاجتماعية والأمنية والاقتصادية. ولدي عدة ملاحظات جوهرية وتفصيلية حول الإستراتيجية تجعلني أتخوف من عدم تنفيذها بالشكل الفعال وسوف أناقشها في مقالات قادمة بهدف المساهمة في تفعيل تنفيذ الإستراتيجية وليس بهدف انتقادها حيث أصبحت أمرا واقعا بعد اعتمادها من مجلس الوزراء الموقر بناء على توصية المجلس الاقتصادي الأعلى.. لقد أصبح تنفيذ الإستراتجية ملزما لجميع الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة المالية إذ أنه من الأمور البديهية أن تطبيق الإستراتيجية يحتاج عدة عناصر لنجاحها وأهم هذه العناصر هو توفير الدعم المالي وقد تضمنت الإستراتيجية النص التالي: (( الإنفاق المتوقع على إصلاح سوق العمل السعودية عبر إستراتيجية التوظيف سيتطلب رصد مبالغ مهمة من المال ، قد تصل إلى 4,9 مليار ريال تقريبا )) . وقد تستطيع وزارة العمل على المدى المتوسط والطويل توفير دعم مالي لتنفيذ الإستراتيجية من خلال السياسات الخاصة بالرسوم التي تضمنتها الإستراتيجية إلا أنه على المدى القصير وخلال المرحلة التحضيرية لتطبيق الإستراتيجية فإن وزارة العمل بحاجة إلى دعم مالي كبير من قبل وزارة المالية في ميزانية 2010 و2011 مع منح وزارة العمل المرونة اللازمة للتحضير لتطبيق الإستراتيجية. إن الإمكانيات المادية والبشرية والتنظيمية في وزارة العمل حاليا لا تساعدها إطلاقا على البدء في تنفيذ الإستراتيجية ولنأخذ على سبيل المثال سياسات وآليات تحقيق هدف «السيطرة على البطالة» في المدى القصير وهو سنتان فقط وتبلغ سياسات المدى القصير (10) سياسات تُنفذ من خلال مجموعة من الآليات التي يبلغ عددها (43) آلية و تهدف لتوظيف أعداد من المواطنين والمواطنات الراغبين في العمل لا تقل عن أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل وبعض السياسات الأخرى ذات الصلة. ورغم تحفظاتي على الإستراتيجية بشكل عام فإن هذه الآليات في غاية التميز ليبقى الأهم تطبيقها والذي في ضني أنه لن يتم خلال سنتين حيث إنها أكبر وأصعب من إمكانيات الوزارة الحالية ومن هذه الآليات ال 43 على سبيل المثال لا الحصر بناء قاعدة بيانات متكاملة عن سوق العمل قيام مكاتب العمل بتقديم خدماتها عن طريق الآنترنت وإنشاء مكاتب عمل في جميع المحافظات وإعداد عدة دراسات وتقارير دورية تتناول القضايا الرئيسة بسوق العمل وفتح سجل لكل باحث وباحثة عن العمل ومتابعته إلى أن يتم توظيفه وعشرات الآليات الأخرى. وسوف أراهن بكل ثقة، للأسف، على أنه بعد سنتين من الآن - وهو الزمن المحدد لتطبيق المرحلة الأولى من إستراتيجية التوظيف السعودية - لن تتم "السيطرة " على البطالة بل إنه لن يتم تنفيذ ولا حتى 25 % من الآليات التي نصت الإستراتيجية عليها خلال المرحلة الأولى، مالم تشعر وزارة المالية أنها هي المسؤولة الأولى عن حل مشكلة البطالة و تطبيق إستراتيجية التوظيف السعودية من خلال دعم وزارة العمل بكل ما تحتاج من إمكانيات، فإن حدث الإخفاق - لا سمح الله – كما حدث الإخفاق أو التعثر أو التأخر في تنفيذ إستراتيجيات أخرى، تكون وزارة العمل هي المسؤولة.. وإن غدا لناظره لقريب.