في الوقت الذي يبذل من خلاله المزارعون جهوداً حثيثة ومتواصلة بهدف الارتقاء بجودته فضلا عن توسيع رقعة زراعته , فإن الأحوال المناخية المضادة والشديدة التطرف باتت تعرض الإنتاج العالمي لمحصول الأرز للأخطار، حيث إنه يلبي احتياجات أكثر من نصف سكان العالم بالنظر إلى كونه القوت الأساسي الهام , والمتوقع أن تتم إضافة أصناف أخرى تكون محسنة وأكثر تنوعاً وذات تحمل أعلى لدرجة الملوحة وأن يساهم بالتالي في التخفيف من الآثار التي تسببها الضغوط المناخية، علماً بأن هذا الأسلوب قد طبقته جهات ذات علاقة بنجاح تام في مناطق حقول الأرز المتضررة بكارثة المد البحري "تسونامي" كوسيلة للتعجيل بجهود إعادة التأهيل. والمفترض أن يرتفع إنتاجه بمعدل أربعين في المائة خلال السنوات العشر المقبلة وإلا فإنه سيوسع رقعة المجاعة, ومن هذا المنطلق سبق وأن أجرى مركز التعاون الدولي لتطوير الأبحاث الزراعية دراسة شاملة بمشاركة خبراء متخصصين لمواجهة التحديات المستقبلية وكذلك بهدف مساعدة الدول المنتجة على توفير أمنها الغذائي والسماح لها بتحسين إنتاجها التجاري , حيث رأى أهمية الأخذ بذلك الموضوع بجدية. وكانت تقارير رسمية ذكرت بأنه بلغ حجم التجارة الدولية للأرز العام الفائت مايقارب 31 مليون طن، أي بما يقل بمقدار 1.3 مليون طن عن التقديرات السابقة التي تم ذكرها في سنة 2007م ويُعزى ذلك الانخفاض إلى المحدودية الملحوظة في إمدادات معظم البلدان المصدَّرة فضلا عن القيود على الصادرات، فقد فرضت كلٌ من الهند وباكستان وكمبوديا والصين ومصر، وفيتنام وهي من البلدان التقليدية المعروفة المصدِّرة للأرز، حدوداً دنيا على أسعار الصادرات، وضرائب متفاوتة على كميات الصادرات أو حظراً شاملا. وفي حين يدعو مركز متخصص طبقا لوكالة فرانس برس إلى تطوير زراعة الأرز غير المروي (تشكل حاليا 17 في المائة من زراعة الأرز) الذي يعتمد على مياه الأمطار مما يسمح أيضا بزراعة الهضاب المرتفعة بفضل إنتاج أنواع أرز جديدة مقاومة للبرد. أدت الإجراءات المتخذة إلى مزيد من خفض حجم صادرات الأرز من هذه البلدان وفيما يخص الواردات عكس هذا التراجع هبوط حجم الشحنات إلى إيران وبنغلاديش وإندونيسيا، بينما حدثت حالة استرخاء في العرض والطلب، والمعروف أن القارة الآسيوية تؤمن نحو سبعين في المائة من إنتاج الأرز العالمي الذي يغطي حاجات سكانها رغم أن المساحات التي يمكن استصلاحها تزداد ندرة لأسباب متعددة. وطبقا للتقارير التي تبثها وسائل إعلام متعددة فقد نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن مسؤول أمريكي مؤخرا في بغداد " أن نقص المياه لفترة طويلة من المتوقع أن يحد من إنتاج الأرز العراقي ". وأن الجفاف وانخفاض مخزون المياه قد يهبطان بمحصول هذا العام إلى مستوى أكثر انخفاضا ربما يبلغ 120 ألف طن فقط. ويواجه العراق جفافا على مدى سنوات أدى إلى توتر العلاقات مع دول مجاورة تتحكم في منابع أنهار وهو ما قد يأتي بأسوأ محصول للأرز في عشر سنوات وبحسب الأبحاث الزراعية وعلى صعيد ذي صلة يمكن إيجاد طرق جديدة لزراعته وفق كميات مياه ومواد كيميائية أقل، والتوصل في الوقت نفسه إلى زيادة الإنتاج العالمي لمواجهة ذلك النقص وفي ظل التقلبات المناخية المتواصلة والتي تهدد مضاعفة الإنتاج. وبالنظر إلى اتجاه معاكس ووفق تقارير "الفاو" فإن التوجهات الحالية لتكثيف إنتاج الأرز قد سببت أضراراً هائلة للبيئة والموارد الطبيعية ذات العلاقة، بما في ذلك تراكم الأملاح وتلوث المياه والمخاطر الصحية التي تحصل جراء استخدام الكيماويات الزراعية وانبعاث غازات هامة من البيوت الزجاجية. فالاستخدام المناسب قد يقلل بالتأكيد من هذه الآثار السلبية ويزيد من الإنتاجية. وأفادت المنظمة نفسها أن وفرة حصاد محصول الأرز السنة الفائتة والتي فاقت توقعات الإنتاج من الممكن أن تخفض الأسعار الاستهلاكية لهذا الغذاء الرئيس, ولكن حذرت في الوقت نفسه من أن تباطؤ الاقتصاد العالمي قد يطغى على هذه المكاسب بالنسبة لأفقر مستهلكي الأرز في العالم، نظرا لتدني مستويات الدخل، وتزعزع ضمان فرص العمل. من جهة أخرى يتواصل صدور تحذيرات متتالية متعلقة بالمناخ سيكون لها انعكاسات مباشرة على القطاع الزراعي وعلى نشاط المزارعين , حيث حذر الرئيس الأمريكي أوباما من أن المستقبل والأجيال القادمة ستواجه " كارثة لا مناص منها " إذا لم تتصرف تلك الأسرة الدولية بكاملها بوتيرة أسرع ووجه دعوات للقادة في مقر الأممالمتحدة مؤخراً إلى " أن يتم أخذ التهديد الذي يشكله التغيير المناخي مأخذ الجد ". وزاد في تحذيراته من عدم وجود أي دولة "كبيرة أم صغيرة " , " غنية أم فقيرة " ، قادرة بمفردها على مواجهة تداعيات التغيرات المناخية. وواصل حديثه بقوله : " إن على الدول المتقدمة أن تكون قدوة في تقديم مساعدات مالية وفنية للدول الأقل نمواً بهدف محاربة الارتفاع المتواصل لحرارة الأرض ". ولذا فإن المحاصيل الزراعية - بحسب المختصين – ستتأثر جلها و من بينها بطبيعة الحال محصول الارز.