ذكرت منظمة الأغذية والزراعة "FAO" أن التنبؤات تُشير إلى مستوياتٍ قياسية جديدة لإنتاج الأرز في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، لكن المنظمة حذَّرت في الوقت ذاته من أن الأسعار العالمية لهذه السلعة الأساسية ستظل مرتفعةً على المدى القصير، إذ من المنتظر استكمال حصاد محاصيل عام 2008في نهاية العام، في حين قد تؤثّر كارثة ميانمار سَلباً على التوقّعات. ويقول أحد كبار خبراء الأرز لدى المنظمة السيدة كونسبسيون كالبيه إن "إنتاج العالم من الأرز والشعير قد ينمو عام 2008بنحو 2.3في المائة ليسجل مستوى قياسياً جديداً مقداره 666مليون طن وفق توقعاتنا الأوليّة". وأضافت أن ارتفاع الإنتاج ربما يفوق ذلك إن تمكنت النداءات والحوافز الأخيرة التوسع في إنتاج هذا المحصول عن توسعة نطاق رقعته وفق مؤشرات مرصاد أسواق الأرز الذي تديره المنظمة، لكنها حذّرت في الوقت ذاته من أن "كارثة إعصار قد تؤثّر سلباً على هذه التوقعات". طبقاً لتقديرات المنظمة فإن الدمار الذي لحق بوعاء الغذاء في ميانمار قد يقلّص بحدة من الإنتاج الوطني للأرز، ويعوق الحصول على الغذاء وقد تنعكس الأضرار الناجمة عن الإعصار سلباً على التوقعات الحالية لمقدار إنتاج العالم من الأرز إذ وقع الإعصار في غضون حصاد المزارعين لمحصول الموسم الجاف الذي يشكّل 20بالمائة من الإنتاج السنوي . وقد غَمرت الفيضانات مناطق زراعة الأرز وانقطع كثيرٌ من الطرق والجسور . كما تعرّض العديد من مخازن الأرز ومخزونه الاحتياطي إلى الدمار . الأمر الذي قد يُلقي بمزيدٍ من الضغوط على الأسعار العالمية. وتقول الخبيرة كالبيه أن "إنتاج أرز في آسيا ربما يتجاوز لأول مرة في العام الحالي مؤشر الستمائة مليون طن، ويصل إلى 605ملايين طن ومن المتوقع أن تحقق المنطقة بأسرها زياداتٍ كبرى، حيث قد تسجل بنغلاديش والصين والفلبين وتايلند وفيتنام أكبر الزيادات، بينما تبدو آفاق الإنتاج مواتية للغاية بالنسبة لإندونيسيا وسريلانكا رغم بعض الخسائر الناجمة عن الفيضانات لديهما". وعلى افتراض أمطارٍ اعتيادية في غضون الأشهر المقبلة فالمتوقع أن ينمو إنتاج الأرز في إفريقيا بنسبة 3.6بالمائة ليبلغ 23.2مليون طن عام 2008، في ظل التوسّع الكبير المتوقّع للإنتاج لدى ساحل العاج، ومصر، وغانا، وغينيا، ومالي، ونيجيريا. أمّا إنتاج الأرز في أمريكا اللاتينية وإقليم الكاريبي فقد يرتفع بنسبة 7.4بالمائة ليبلغ 26.2مليون طن عام 2008؛ في حين يعكس الإنتاج بالنسبة لأستراليا والولايات المتحدةالأمريكية وأوروبا آفاقاً سلبية. واستنادا إلى جدول المنظمة الخاص بأسعار الأرز فأن أسعار الأرز قد سجلت ارتفاعا صاروخياً بنسبة 76في المائة تقريباً خلال الفترة بين ديسمبر/ كانون الأول 2007وأبريل/ نيسان 2008.ومن المتوقع أن تبقى الأسعار الدولية للأرز على مستوياتها المرتفعة نسبياً، سيما وأن المخزونات التي تحتفظ بها البلدان المصدرة قد تتراجع إلى حد كبير علاوة على ذلك، ربما ستعود دول مستوردة رئيسية إلى السوق الدولية لشراء الأرز، بمن فيها جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية ونيجيريا والسنغال."فالأسعار"حسب السيدة كالبي، "ربما تبقى ثابتة إلى حد كبير أو على الأقل حتى الربع الثالث من العام 2008ما لم يتم تخفيف القيود المفروضة على الصادرات في الأشهر المقبلة" .وفي نطاق السعي لتفادي حالات ندرة الغذاء في بلدانهم فرض كبار المصدرين للأرز مؤخراً حظراً على الصادرات والضرائب أو السقوف الدنيا . وقالت الخبيرة كالبي أن هذه الإجراءات قد زادت القيود من حيث تيسر الإمدادات في الأسواق الدولية، وأدت في الوقت نفسه إلى مزيد من تصاعد الأسعار وتراجع الإمدادات ففي الوقت الحاضر تقوم كل من تايلاند وباكستان والولايات المتحدة فقط من بين المصدرين الرئيسيين بتصدير الأرز دون أي قيود أما المزادات التي نظمتها الفلبين لاستيراد كميات ضخمة من الأرز فقد أسهمت أيضاً في تسجيل الأسعار القياسية للأرز. ولكي تتراجع الأسعار لابد أن تسود ظروف مناخية مواتية في غضون الأشهر المقبلة، ولابد أيضا أن تخفف الحكومات من القيود المفروضة على صادرات الأرز وحينئذ ومن غير المرجح أن تعود الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية السابقة، سيما وأنه يتعين على المنتجين أن يدفعوا مبالغ أعلى بكثير لشراء الأسمدة والمبيدات والوقود. وستؤثر القيود المفروضة على الصادرات إلى حد كبير على تجارة الأرز، التي يُقدر أنها بلغت 28.8مليون طن في العام 2008، أي بحدود 7في المائة أو 2.2مليون طن أقل من المستوى القياسي للعام 2007.ومن المتوقع أن يزداد استهلاك الفرد للأرز بنسبة 0.5في المائة، أي بمقدار 57.3كيلوغرام سنوياً أي أعلى من 57كيلوغرام المسجلة في العام . 2007وبالرغم من ارتفاع أسعار الأرز فأن المستهلكين على ما يبدو قد ابتعدوا عن الأغذية الأكثر كلفة وخاصة اللحوم ومنتجاتها . ومما يذكر أن الزيادة المفاجئة في أسعار الأرز في العالم قد ألقت بعض الضوء على القيود الكبيرة في المدى المتوسط والتي غالباً ما كان يتم تجاهلها في العقدين الأخيرين، بما في ذلك تراجع الاستثمارات في الزراعة ولاسيما قطاع الري، وتراجع التمويلات لغرض البحوث الزراعية، ومشاكل بيئية وركود الإنتاجية والهجرة من المناطق الريفية إلى المدن. هذا وسيجتمع في روما رؤساء الدول والحكومات في الفترة من 3إلى 5يونيو القادم للبحث في تأثير ارتفاع أسعار السلع الغذائية وكيف يمكن الإسهام في النهوض بالأمن الغذائي العالمي.