رغم تحسن الأسواق المالية منذ مارس الماضي لهذا العام والذي وصل بحده الأدنى 30% في أسواق العالم ووصل بعضها ما يفوق 100% صعودا منذ مارس الماضي , ولكن ظلت الشركات والمنشأت الأقتصادية لا تتحسن بنفس النمط المتسارع للنمو , وأصبح مصاعب الشركات هي في الأقراض ايا كان حجم هذه الشركات , ولعل الأصعب هي شركات الصغيرة والمتوسطة والتي تحتاج إلى الإقراض المستمر سواء القصير الأجل أو المتوسط , وهذا ما سيكون أكبر عثرات الشركات المتوسطة والصغير وبالتالي الأثر المباشر على الاقتصاد ككل والتوظيف والنمو والطلب , وهذا يعزز مصاعب هذه الفئة من الشركات , فلن يكون لها أي قوة تدعمها إلا البنوك والتي أصبحت الآن أكثر تشددا وطلب ضمانات أكثر تشددا لقروضها , واستمرار البنوك في ضبط الإقراض والتشديد له يضع الشركات والمؤسسات في مأزق حقيقي , حتى إن معدل نمو القروض في المملكة انخفض بنسبة تصل إلى 20 % مقارنة للفترة الماضية , رغم أن القيمة للوادئع انخفضت كعائد وتقارب نصف بالمائة مما يعني سيولة عالية لدى البنوك ولكن ذلك لم يحفز البنوك للإقراض في ظل الوضع الراهن , فهي تفضل التحفظ الشديد بالإقراض , بل إن البنوك تركز الآن على القروض الشخصية قصيرة الأجل وهي قروض استهلاكية لشراء سيارة أو أثاث أو نحو ذلك , وهذا لا يولد وظيفة أو يضيف للاقتصاد الوطني كما يتم حين يتم إقراض الشركات والمؤسسات التي تضخ هذه الأموال في توظيف وتنمية رأس المال. إذا سيكون أثر ذلك على الاقتصاد الوطني كبيرا ومستمرا لفترة زمنية يصعب أن يحدد متى تنتهي بعد الأثر التي أحدثته الأزمة المالية العالمية , وهذا سيضعف النمو السريع في الاقتصاد الوطني أو العالم ككل , من هنا يأتي دور البنوك المركزية في تحفيز البنوك على الإقراض "الأمن" لا المجازف لكي تعيد الاقتصاد الوطني على سكة النمو السريعة أو المقبولة على الأقل , ولن يكون هناك دفع بالإقراض الإجباري أو الإكراه للبنوك من الحكومات مالم تقدم الحكومات ضمانات واضحة , فالأفضل هنا أن تقوم الحكومات بالإقراض من خلال صناديقها الحكومية أو دعم المشاريع مباشرة بالإقراض بالمشاركة والمساهمة , وأيضا سيكون الأهم هو الاستمرار بسياسة نقدية بعدم تقديم أي قيمة للودائع البنكية لدى البنوك المركزية كما هي الآن من خلال الريبو العكسي , إن خلق التوازن بين الحاجة للإقراض وتحفظ البنوك هو مبرر , ولكن لا بد من مخرج لكي يتم إعادة الاقتصاد للنمو , وهنا يكون دور البنك المركزي بضبط خيوط الحراك الأقتصادي هو المهم والأهم , نحتاح إلى دعم الأقراض للشركات والمؤسسات بضبط أكثر وأيضا بضمانات غير مبالغ بها حتى لا يستمر الركود الاقتصادي والضعف مما يصعب تحقيق أي تنمية حقيقة وإعادة النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل ونمو حقيقي. نحتاج للقروض الجيدة أن تدعم أكثر وأكبر من أن تركز البنوك على ربحية من خلال قروض استهلاكية لا تحقق النمو الاقتصادي كما هو مفترض , أو أن تبالغ بتشددها مما يفقدها أرباحاً وتحقيق نمو اقتصادي.