استهل مقالي بحمد الله على سلامة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية من هذا الاعتداء الغاشم، وأدعو الله أن يحفظه ويبقيه ذخراً للدين والوطن. إن حادثة الاعتداء ليقف المرء أمامها مذهولاً حيران، كيف يقع مثل هذا، وبأي مسوغ يستسيغ الفاعل هذا الجرم. فالمحاولة محاولة خطيرة وجرم لا يقبل بأي ميزان أو منظار سواء كان الشرع أو العقل أو التاريخ والواقع وحتى الأعراف والقيم. بل كل الموازين والقيم والمعايير ضد هذه الفعلة النكراء. فمن أعظم الأمور التي عظمتها الشريعة، وحذرت منها غاية التحذير، وتوعدت فاعلها بأعظم الوعيد هي قتل مسلم. وليس المجال مجال استعراض النصوص في ذلك حيث تواترت الأدلة في هذا الشأن سواء من القرآن الكريم أو السنَّة المشرفة أو كلام أئمة العِلم والهُدى، فمن النصوص الواردة في ذلك: قوله تعالى: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً». وقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً». وقوله صلي الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم». وقوله صلى الله عليه وسلم: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً أو يقتل مؤمناً متعمداً». وقوله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة: «ما أطيبك وما أطيب ريحك، ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك ماله ودمه». بل جاءت النصوص في التحذير من قتل المرء نفسه فضلاً عن قتل غيره، فقتل النفس كبيرة عظيمة توعد عليها صلى الله عليه وسلم بالنار فقال: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً». هذا التحذير الشديد والوعيد الكبير إذا استهدف الإنسان شخصاً بعينه، وفرداً من أفراد المجتمع، فكيف إذا كان الأمر لا يستهدف فيه الشخص بعينه بل المجتمع كله، واستهدف ضرب الأمن وإشاعة الفوضى والفساد في المجتمع المسلم. وكل ذي لب وعقل يعقل ويدرك بأن مثل هذه الحادثة جرم كبير وعواقبه وخيمة وخطيرة ومتعدية لا تقتصر على المستهدِف ولا المستهدَف، بل تصل إلى أفراد المجتمع، بل المجتمع بأكمله أفراداً وكياناً. ومما لا شك فيه أن هذه الحادثة لم يكن المستهدف فيها سمو الأمير محمد بن نايف وحده، بل المستهدف فيه الوطن بأكمله، أمنه وقادته ومواطنيه واقتصاده. فالحادثة نسفت كثيراً من القيم والأخلاق والصفات التي يجب أن يتحلى ويتخلق بها المرء وتتأكد في المسلم الذي جعل قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وتعامله. إن هذه الفئة التي اقترفت هذه الجريمة النكراء سواء فعلاً أو مؤازرة أو تأييداً لهي فئة شاذة عن المجتمع لا تمثل فيه أي فئة بل نبتة غريبة مستهجنة وشاذة وغير مقبولة لدى المجتمع بأكمله. ولا أدل على ذلك من رفض المجتمع لهذه الفئة حتى لم تجد من يؤيدها أو يؤويها ولم تجد لها مكان في هذا البلد فخرجت خارج البلاد. ومما يدل على رفض المجتمع لهذه الفئة وقوفه صفاً واحداً بمختلف طبقاته ومستوياته الثقافية وتوجهاته الفكرية في استنكار هذه الفعلة الشنعاء ورفضه لها. وإن هذه الحادثة لتؤكد على المجتمع مؤسسات وأولياء ومربين ضرورة العناية بالنشء والشباب وتوجيههم التوجيه السليم الصحيح، والحاجة إلى فتح المحاضن التربوية السليمة التي تربيهم على المنهج الصحيح وتسلحهم بسلاح الإيمان الصحيح والعلم النافع السليم ليحصنوا أنفسهم ويبنوا قلاعاً داخل أنفسهم تحميهم من هذا الفكر المنحرف الضال وقبل أن تخطفهم أيادي هذا الفكر المنحرف وتجعلهم أداة لمثل هذه الأفعال النكراء. اللهم احفظ لنا أمننا ووطننا، واحفظ ولاة أمرنا، اللهم من أرادنا، أو أراد بلادنا، أو ولاتنا، أو علماءنا بسوء فاشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، وأدر عليه دائرة السوء. *وكيل عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر