نشرت بعض الصحف خبرا عنوانه "مستشفى خاص يحتجز طفلين أربعة أشهر" جاء فيه : "حرمت 50 ألف ريال أبا وأما من رؤية طفليهما منذ ولادتهما قبل أربعة أشهر، مع إصرار مستشفى خاص في مكةالمكرمة على احتجاز الطفلين لحين دفع فاتورة الولادة والحضانة". ونحن هنا إزاء مشكلة خاصة بأسرة الطفلين حيث عبر والد الطفلين، وفقا لما ورد في الخبر، عن خشيته وزوجته من التوجه للمستشفى لرؤية الطفلين حتى لا يتم احتجازهما للمطالبة بالمبلغ، ويشير إلى أن زوجته وضعت الطفلين «توأم» وهي بعد شهر حملها السابع، ما استدعى وضعهما في الحضانة لمدة شهرين، لكنه فوجئ بالمستشفى يطالبه بمبلغ 90 ألف ريال نظير عملية الولادة وبقاء الطفلين الخدج في الحضانة، مؤكدا أنه شرح لإدارة المستشفى حالته المادية الصعبة الأمر الذي دفعهم لإجراء خصم على المبلغ ليصبح المطلوب منه 50 ألف ريال فقط، لكنه لا يزال عاجزا عن السداد. وهذه المشكلة الخاصة بأسرة الطفلين من المؤمل حلها من خلال قيام أحد فاعلي الخير بسداد المبلغ أو تدخل وزارة الصحة وتحمل تكاليف العلاج في حال ثبت عجز هذه الأسرة عن السداد. ولكن هذا الخبر يثير عدة إشكاليات عامة متنوعة ومن ذلك ما يتعلق بحجز المرضى في المستشفيات الخاصة كوسيلة لضمان حقوق المستشفى وهذا يؤكد أننا نعيش حالة من الفوضى في مجال حفظ الحقوق وهذا مجرد مثال صارخ على ذلك كما يثير تساؤلا حول دور صندوق الفقر في معالجة مثل هذه الحالات فإذا كان الصندوق لا يساعد المحتاجين للعلاج فمن يساعد إذن. كما يوضح الخبر أن كثيرا من الأمور لدينا تسير بالبركة دون وضوح لمهام وأدوار العديد من الجهات أو تداخلها دون معرفة من هو المسئول عن كثير من الأمور ففي هذا الخبر ليس هناك أي دور لوزارة الصحة، حيث تقول إدارة المستشفى بأنها حاولت الوصول أكثر من مرة لوالد الطفلين بهدف الاتفاق معه بإحضار كفيل لإخراج الطفلين، كما اتصلت بالجهات الأمنية، وخاطبت دورا اجتماعية التي رفضت استلام الطفلين إلا عن طريق إمارة المنطقة. وفي كل الأحول وبغض النظر عن هذا الخبر فإنني أكرر ما سبق المطالبة به وهو أهمية الإسراع في إعطاء أولوية قصوى للإسراع في دراسة وإقرار المشروع المنتظر لتطوير القطاع الصحي في المملكة، وفقا لرؤية وطنية إستراتيجية شاملة تعالج جذريا الخلل التنظيمي الحالي في القطاع الطبي، مع أهمية اعتماد تصور متكامل للمشروع يتضمن متطلبات التنفيذ الفعال والسريع، وقد تضمن المشروع المقترح عدة مواد مهمة تنسجم مع التجارب الدولية المتميزة في مجال الرعاية الصحية، ومن تلك المواد إنشاء صندوق صحة وطني من ضمن مهامه التأمين الطبي على المواطنين، وإنشاء هيئة مستقلة تشرف على المستشفيات بدلاً عن وزارة الصحة، وإنشاء هيئة مستقلة لاعتماد المنشآت الصحية وتقويم أدائها وفقاً لمعايير موحدة للجودة.