قبل بداية شهر رمضان المبارك قرأت موضوعاً لأحد الأخوة السودانيين يتحدث فيه عن كيف يتم تشويه صورة السوداني في وسائل الإعلام ، وقد لمح إلى أن هذه السخرية تزيد في شهر رمضان وأشار إلى مسلسل طاش ما طاش. ونحن كمجتمع خليجي تتنوع فيه الجنسيات بسبب اعتمادنا على العمالة من دول أخرى ومنها بالطبع الأشقاء من دولة السودان، والذين للحق يقال هم من أحسن من وجد في مجتمعنا وليس هذا تحيزاً ولكن للإخوة والأخوات من السودان خلق وأدب رفيع، ولم نواجه معهم بعض المشاكل التي نواجهها مع بعض الجنسيات الأخرى . المهم وجود جنسيات مختلفة في مجتمعنا يجعل من الصعب على مسلسل أن لا يوجد فيه شخص من دولة وثقافة أخرى. فالسائق والعاملة المنزلية إما من الهند أو اندونيسيا أو الفلبين، وهكذا دول متعددة وجودها أصبح للأسف الشديد حتميا لتشكيل الأسرة السعودية . جاء رمضان وجاء مسلسل طاش ما طاش ليعرض في إحدى حلقاته سودانيا يعمل في مكتب استقدام، ولم يكتف فقط في الحلقة، بتقليد لهجة السوداني ولكن للأسف ألصقت بشخصيته بعض اللزمات الحركية المبالغ فيها .وكان هذا السوداني يكرر وبطريقة مملة ليس لها داع جملة ( ضربوا لي هسة )، يقصد مكتب الاستقدام في الدولة المصدرة للعمالة! هناك فرق بين حتمية وجود جنسيات أخرى في حياتنا الاجتماعية، وبين تشويه صورة البعض منهم، ولكي أثبت لكم هذه النقطة فإنه في نفس الحلقة ظهر السائق الهندي ولم يكن هناك هذا التشويه بل إن بعض السلوكيات الغريبة التي صدرت من السائق كان سببها عدم فهمه للغة العربية . يا ترى كيف نشعر لو ظهرت صورة السعودي في مسلسل عربي بطريقة مشوهة غير واقعية . نحن يا جماعة نثور ونغضب وتقوم القيامة لدينا لو أن فيلما أو مسلسلا غربيا أظهر العربي بصورة غير لائقة، فما بالنا نمارس نفس السلوك ضد إخوة وأشقاء لنا في الدم والعرق والدين ؟!. فقط لنتخيل ونستشعر أننا نحن من استهزئ بنا وقُلل من شأننا، أعتقد أن هذا كفيل بمراجعة حساباتنا وتعاطينا مع الآخرين أيا كانوا وكانت جنسياتهم وأعراقهم.فالمحك الوحيد بيننا و بينهم التقوى،فقط لا غير!. لابد أن نميز الهدف في مسلسلاتنا بين الترفيه البريء، والإساءة للآخرين، وبينهما خط رفيع قد لا ندركه أو لا يدركه القائمون على هذه المسلسلات، وبالتالي يتجاوزونه . وكما ينادي الكثير بالسينما النظيفه، أي الخالية من المشاهد الإباحية والخليعة، نحتاج للمطالبة وفي نفس السياق، بالكوميديا النظيفة من السخرية ولمز الآخرين وجرح مشاعرهم وايذائها!. وعموماً علينا الانتباه لتلك الكلمات ولخطابنا الذي قد يحمل إساءات للآخرين وإقلالا من شأنهم، فها هو أحد مشايخنا الأفاضل في معرض دفاعه عن قصيدته يقول متهما من قللوا من شأنها، بأن الآخرين يفهمون في الشعر أكثر منهم، حتى المرأة النيجيرية التي تبيع الفصفص !!، ولقد كان بإمكانه- ببساطه- أن يقول لمنتقديه مثلا: أحترم رأيكم والأهم لدي أن شعري يتابعه ويحبه حتى الإنسان العادي ورجل الشارع! وكفى! من غير حاجة أن يلمز ويسيء لامرأة نيجيرية تتكسب رزقاً حلالاً من بيع الفصفص!!. تقول الروائية الأمريكيه مايا أنجلو: الناس قد ينسون ما فعلت بهم ، ولكنهم لن ينسون ما قلت لهم ولا كيف جعلتهم يشعرون!!