تأجيل الدراسة بسبب إنفلونزا الخنازير هو قرار صحي في المقام الأول فأهل الاختصاص سوف يتوصلون وفقاً لما يتوفر لديهم من حقائق الى القرار المناسب لمصلحة الجميع إن شاء الله أقول ماسبق وأنا أنوي عدم الدخول في مناقشة هذا الموضوع من زاوية التأجيل أو عدم التأجيل، وإنما من زاوية أخرى هي العلاقة بين الطلاب وبين المدرسة . الطلاب يتبادلون التهاني ويشكرون انفلونزا الخنازير فرحاً باحتمال تأجيل الدراسة أي تمديد الإجازة التي تنافس المدرسة في جذب اهتمام الطلاب. أطرح هنا مجموعة من الأسئلة:- اذا كانت المدرسة عبر تاريخها الطويل في كل زمان ومكان لاتمثل بيئة جاذبية للطلاب، فلماذا لايتم تحقيق هذه الجاذبية ؟ هل نحتاج الى استبيان للتأكد من مشاعر الطلاب تجاه المدرسة ؟ كيف يمكن جعل المدرسة بيئة جاذبة؟ هل هذا الهدف يدخل في باب المستحيلات ؟ بعض التربويين يقترح أفكاراً مثل تخفيف العبء الدراسي أو زيادة الأنشطة اللاصفية ، أو زيادة الأنشطة الرياضية، من أجل جعل المدرسة بيئة جاذبة ، فهل تلك التغييرات ستكون فعلاً كافية لتحقيق الهدف المنشود؟ هل الاختبارات هي سبب نفور الطلاب من المدرسة ؟ هل السبب هو تعامل المعلمين مع الطلاب ؟ هل المبنى المدرسي هو السبب ؟ هل اليوم الدراسي طويل ؟ هل اسوار المدرسة هي السبب ؟ هل ازدحام الفصول، أم نوعية الأكل ، أم كثرة الواجبات أم كلها مجتمعة تزيد الفجوة بين الطلاب وبين المدرسة ؟ كيف فشل التربويون في كل مكان وزمان من جعل المدرسة مكاناً محبباً للطلاب؟ وقرأت لأحد المسؤولين العرب في مجال التعليم مقولة يصف فيها المدارس بأنها سجون منفرة. هذا الوصف فيه إشارة الى أن تصميم المبنى المدرسي ينطلق من مبدأ عدم الثقة بالطلاب فكأن التصميم وضع لمنع الطلاب من الهروب من المدرسة ؟ جذور المشكلة اذن هي تكمن في الأسباب التي تدفع بالطالب للهروب وكيف نحقق ثورة في التعليم تجعل الطالب ينتظر قدوم الصباح بشوق ولهفة لكي يذهب الى المدرسة. تصميم المبنى يجب ان يتم وفق مواصفات تربوية مناسبة للعملية التعليمية وللبيئة ، وللفكر التربوي الذي تؤمن به المدرسة، والأنشطة التي تخدم هذا الفكر. وبعد التصميم، ننتقل الى مايجري داخل المبنى المدرسي من أنشطة صفية وغير صفية وطريقة التعامل وهل تتوفر الثقة والمشاركة في العلاقة بين الطلاب وبين ادارة المدرسة والمعلمين. إن تصميم المبنى المدرسي المناسب للفكر التربوي الحديث إنْ تحقق لايكفي لتحقيق النقلة النوعية في اساليب وطرق التعليم فدور المدرسة الآن لايمكن أن يكون هو نفس الدور الذي قامت به في العقود الماضية، مفهوم الأمية تغير ، والعلاقة التقليدية المتوارثة بين الطالب والمدرسة يجب أن تتغير بما يتفق مع متطلبات العصر الحديث.