تتعالى أصواتهم وتتعدد حركاتهم.. يتسابقون ويتنافسون لجذب الباعة والمتسوقين، ولايملكون شيئا مما (تبح) من أجله أصواتهم، وتمر بين أيديهم صفقات بملايين الريالات.. ويهتمون ب (أصواتهم) ويعملون على تحسينها والمحافظة عليها لتبقى عالية مجلجلة فهي أدوات نجاحهم، كما يمضون الساعات الطوال وقوفا في لهيب الشمس وبين نظرات الباعة والمشترين والفضوليين.. تنشط وتختفي مواسمهم ويتنقلون تبعا لها.. هؤلاء هم (الدلالون) الذين ينشطون هذه الأيام في أسواق التمور، حيث موسمهم السنوي الكبير. يقول الدلال في سوق تمور بريدة إبراهيم بن عبدالعزيز الغيث (24) عاماً الذي أمضى تسع سنوات من عمره في هذه المهنة إن الذي دفعه لها هو صوته الذي يرى انه سلاحه القوي الذي يخدمه كثيرا في هذا المجال، مضيفا انه يحرص على العناية به بشكل دائم سواء قبل عمليات (الحراج) اليومية أو بعد الانتهاء منها، مشيرا إلى انه يعمد كثيراً لاستخدام العسل وشرب الزنجبيل ويداوم على دهن حنجرته التي يصفها ب (الذهبية) بالفكس وزيت الزيتون، ويتناول أدوية طبية يصفها له بعض الاطباء والصيادلة وأحيانا(العجائز)، متسائلا كيف سيعمل دلال اختفى صوته ومنع من استخدام مكبر الصوت في سوق مزدحم بالباعة والمشترين..؟ مشيراً إلى انه يعمد كثيراً لحركات متعددة وعبارات مضحكة هدفها جذب المزيد من أصحاب البضائع التي يريدون عرضها في المزاد، موضحا أن الدلال الناجح لن يكسد سوقه ولن تبور بضاعته التي بين يديه فهو قادر على تصريفها بفعل صوته وجرأته وقدرته على الوقوف أمام الأعين الكثيرة التي تراقبه سواء من باعة ومشترين أم غيرهم. ولا يتذكر الغيث إجمالي المبالغ التي الدلال الغيث يجلجل بصوته لجذب الزبائن وتحفيزهم على الشراء (عدسة-فهدالفيفي) استخدم صوته مزايدا عليها، مؤكدا على أنها بملايين الريالات. متذكرا صفقة زايد عليها قبل أيام وصلت قيمتها مئة واثنان وثلاثون ألف ريال، وكانت السيارات الأربع تحمل نوعاً واحداً من أنواع التمور الجيدة التي تشتهر بها منطقة القصيم. ويهتم الدلال ناصرالعمار الذي أمضى نصف عمره البالغ (31) عاماً في (الدلالة) بصوته كثيرا، مشيراً الى انه يفضل تناول العسل ويتناول أيضا أدوية دون استشارة طبية!، ويستحدث كل ما يرى انه يلفت انتباه رواد السوق ولا يخفي حاجته لمكبر صوت ولكنه يبرر عدم استخدامه لمنعه بسوق تمور بريدة، موضحا انه يلجأ عوضا عنه للمزاد الثنائي والثلاثي في بعض الأحيان. ويعتبر العمار أن الدلال في الماضي لا يحتاج لرأس مال ولكن في الوقت الحالي تتطلب هذه المهنة رأس مال كبير لأن الدلال تحول إلى شبه ممول لبعض المزارعين. ولا يخفي الدلال العمار انزعاجه وإحراجه من كميرات المصورين التي تصوره كثيراً كمايقول وهو يمارس مهنته اليومية، مضيفا صحيح أننا في عمل ولكن كاميرات المصورين قد تلتقط صوراً مضحكة لنا اثناء انشغالنا بعملنا. ويشير الدلال فهد الذياب إلى أهمية اتصاف الدلال بصفات الصدق والأمانة، إضافة لحسن التصرف والشطارة والصوت الواضح، مؤكداًًٍ على أن الدلالين يعتمدون على الله ثم على أصواتهم في كسب أرزاقهم، مشيرا إلى أن البعض من الدلالين(يحرج)على 200 سيارة وآخر300 والبعض اقل واكثر وجميعهم يعتمدون على أصواتهم وعليهم العناية بها حتى لايجدوا أنفسهم بعيداً عن هوايتهم بسبب فقدهم لها.