محاولة الاعتداء الفاشلة على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، لها دلالة قوية على أن الفكر الإرهابي مازال موجوداً بيننا وأن له أكثر من وجه وطرق متعددة. الكثيرون دُهشوا أن يكون هذا الحدث في شهر رمضان الكريم، ولكن لعلكم تذكرون أنه وقبل سنوات كانت بداية التفجيرات على المجمعات السكنية أيضاً في هذا الشهر الكريم . الإرهاب هو نوع من الإجرام والسيكوباتية السلوكية المرضية التي تجعل صاحبها يتخلى عن كل المبادئ الإنسانية ولا يشعر بالذنب إن قتل ودمر وروع حياة الآمنين ، وبالتالي لا يهمه الوقت ولا المكان ولا نوعية الضحايا . جميعنا يفرح عندما يُقبض على مجموعة من الإرهابيين. وكان آخرها ذلك الإنجاز العظيم لقوى الأمن وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد وجميعنا يأمل أن تكون هذه هي نهاية الإرهاب لأن جميعنا يريد أن يعيش بأمن وسلام . ولكن وللأسف الشديد يبدو أن مشكلتنا أكبر! وهي ليست مع الإرهاب كتنفيذ وسلوك بل معه كفكر مازال ُيمرر، ويجد طريقه سهلاً للوصول ولغزو عقول شبابنا في سن المراهقة بالذات، حيث تشتد الانفعالية ومحاولة التمسك بالقيم وعلى رأسها القيم الدينية، فالمراهق بعقليته البسيطة يعتقد وبانتمائه لمجموعة الرفاق أن بمقدورهم تصحيح مسيرة وفكر المجتمع . عدا الوعود التي تجعلهم يوجهون أهدافهم ومكاسبهم لما بعد الموت ناسين بأن ما يخلفونه من دمار وقتل لأرواح بريئة سيحرمهم ذلك النعيم . الأسرة والمدرسة والمسجد عليهم المسؤولية الأولى لمحاربة هذا الفكر وهم الوسيلة الأسرع والأضمن للتخلص من الإرهاب . لعل أكثر ما يدهشني هو غياب الأهل عن حياة أبنائهم . أين الأسرة التي تلاحظ وتراقب وتشعر بكل تغير ولو بسيطا في حياة أبنائها . كيف ينتهي الأمر بشبابنا في اليمن وأفغانستان والعراق والأسرة لا تعلم ؟ أو للحق آخر من يعلم!! اما المدرسة فلا ننسى أن دور المدرس مهم جداً فهو الوالد الثاني للمراهق وهو القدوة وبقدر مايكون المدرس قادراً على توصيل رسالته التربوية والدينية بوسطية لا تطرف فيها بقدر مايساهم في التقليل والحد من الفكر الإرهابي . أما المسجد فشيوخنا الكرام مسؤوليتهم عظيمة، فكثير من الآيات القرآنية يستخدمها للأسف بعض المشايخ والدعاة بطريقة توحي بأن الجهاد في الإسلام يعني قتل الآخر وإزهاق روحه. ليتنا في المقابل، نركز على غرس السلوكيات الإسلامية في روح وقلب وسلوك شبابنا . ليتنا نعلمهم أن الدين الإسلامي دين حب وأمن وسلام. و في النهاية، تهاني الحارة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بسلامته ونجاته ، وأنا متأكدة بالرغم من كل ما حدث، أن سموه سيتابع ويواصل مهمته العظيمة ومسؤوليته في حفظ الأمن وسلامة الوطن والمواطن. * إضاءة: الإرهابيون مجرمون سفاحون تجردوا من كل القيم الإسلامية والإنسانية ، وخرجوا عن كل القيم الأخلاقية وأصبحوا وحوشاً ضارية لا هم لها سوى سفك الدماء وترويع الآمنين. (خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله).