هناك شكوى من الشركات العقارية ببطء ترسية مشاريع الدولة ومزاحمة الشركات الصينية لها، وعدم الحصول على تمويل من البنوك، والطرف الآخر، يرد بأن هذه الشركات، عدا بعضها فقط، لديها القدرة على التنفيذ، ثم يأتي تعليق آخر بأن من يحصلون على ترسية المقاولات الكبيرة، استطاعوا احتكار كل شيء بما في ذلك الحصول على قروض طويلة الأجل، وترسية المشاريع بشكل مباشر.. موضوع الاحتكار مشكلة نعاني منها وخاصة من الذين يقررون من قبلهم استيراد وتسعير المواد الغذائية، ومواد البناء، وإذا ما وصلت شركات في التشييد والبناء إلى أن تحتكر السوق بدون منافسة، فهل الخطأ منها أو من الآخرين الذين لم يستطيعوا تطوير أدواتهم ووسائلهم؟ مثلاً في الرياضوجدة والدمام، وهي المدن الرئيسية في إدارة المشاريع والتخطيط لها، توجد شركات عقارية كبرى، لكن نشاطها مشتت ، وبينها تنافس أضعف قواها، ثم لا ندري ما هي الأسباب أو الأعذار التي لا تؤهلها للاندماج لتكون شركات كبرى وبأوزان ثقيلة تجعل قدرتها على المنافسة وكسر الاحتكار سبباً في الحصول على امتيازات الشركات الأخرى.. وهناك همّ آخر معروض للتساؤل، ولا أجوبة حوله، وهو أن مجموع البنوك لدينا لا تساوي أعدادها ما في البحرين، وتتضاعف عنا في الإمارات، وأكثر منا في قطر ولبنان، ولعل تعددها يسمح للمنافسة والتطوير الإداري، والأداء الجيد بأن يجعل بنوكنا على نفس الدرجة من التطور والتميز، ولا تزال مشكلة عدم فتح فروع لبنوك ومصارف دولية شهيرة، لغزاً محيراً إذا كان اقتصادنا يذهب إلى الحرية التامة وتحرك الأموال والاستثمارات في الداخل والخارج، والسماح للأموال الأجنبية بالمساهمة في شركاتنا وكل بيئتنا الاقتصادية.. هل الموانع هي احتكار لبنوكنا أو من حصلت على رخصة فتح فروع لها في بعض مدننا وليس كلها، وبرأسمال إن لم يكن مناصفة مع الأجنبي، فالرأسمال الوطني الموظف بها أكبر؟ ومثلما رأينا كيف انهارت شركات وبنوك وصناديق عقارية في كل العالم أثناء الأزمة الراهنة، واعتبر الاحتكار هو أحد أسباب الانهيارات، وإذا كنا نستنسخ بعض الحالات لتلك الدول بأن يصبح لدينا وضع مماثل، بحيث أصبح تلزيم بعض المشاريع الكبرى، وبدون منافسة خاضعاً لاعتبارات ما، أدت إلى أن تكون تلك الشركات المحدودة هي من تفوز بالعقود المباشرة، والحصول على متطلباتها من ضمانات وتمويل، وبفضاء مفتوح لها وحدها، فهل يعني هذا أننا ندخل مرحلة المخاطر أسوة بدول أكبر منا اقتصادياً وعلمياً وتجربة في إدارة المال والمشاريع؟ ليس المقصود جهة ما، لكن عندما تتوسع الشركات وتتعدد نشاطاتها فإننا نضمن سلامة الاقتصاد الوطني من حالات التذبذب، أو المفاجآت وتتضح الرؤية لسلامة اتجاهاتها لأن مبدأ الاحتكار من الأمور الخطرة جداً، وقد شهدنا كيف حدث انهيار لشركات عائلية وبعض البنوك والمؤسسات، وطالما هناك ارتباط مباشر بينها وبين المال العام، فإننا بكسر الاحتكار، ومضاعفة الرقابة، والتوسع بالترخيص لبنوك أخرى، ضمن قوانين تراعي مصالح كل الأطراف، نستطيع أن نُحدث تغييراً إيجابياً لا يعرضنا للمخاطر في المستقبل القريب والبعيد..