تحدثت الأنباء أمس عن توقيع ثمانية آلاف شخص، عريضة لمقاطعة الفرع الإسرائيلي لشبكة الأثاث العالمية السويدية "ايكيا". وذلك تعبيراً عن الغضب العام بسبب قضية المقال الذي نشرته صحيفة سويدية صفراء، والذي زعم أن جنود الجيش الإسرائيلي قتلوا فلسطينيين للاتجار بأعضائهم. ما زال غير واضح هل سيتطور هذا الأمر حتى يصبح مقاطعة عامة من المستهلكين، ربما أن هذا هو ما سيحصل. هذه هي محاولة المقاطعة الثانية هذه السنة. فقد سبقتها المقاطعة الواسعة جدا للرحلات الى تركيا، التي بدأت بعد تصريحات رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان ضد إسرائيل، واستمرت في واقع الأمر حتى الأشهر الأخيرة. في الحقيقة أن هذه المقاطعة ذابت مع مقدم الصيف، عندما فتر الغضب وتبين بالمقابل انه لا يوجد بديل حقيقي "يشمل كل شيء" من إنتاج "انطاليا". ليست محاولات مقاطعة المستهلكين شيئا جديدا عندنا. فهذا استيراد لتراث بدأ في الولاياتالمتحدة ولكن مع فرق واحد مهم وهو أن المقاطعات الأولى في أمريكا كانت لشركات أجرمت في رأي المقاطعين بحق المجتمع والبيئة. وأدت مقاطعة المستهلكين الى إجبار المنتجين لعلب التونة في أي ولاية في الولاياتالمتحدة لوضع عبارة تقول إنها "ودودة مع الدلافين" - أي أن الصيادين غيروا طرقهم بحيث لا تقتل دلافين في أثناء صيد سمك التونة. كذلك جعلت المقاطعات أو التهديدات بالمقاطعة شركات الملابس والأحذية الكبيرة في العالم تغير شروط العمل في ورشات الإرهاق في الدول النامية. وما الذي حصل لدينا؟ يصعب أن نتذكر مقاطعة مستهلكين مهمة واحدة في موضوع استهلاكي أو أخلاقي. بل إن محاولات المقاطعة في موضوعات ذات أهمية اقتصادية خالصة، كبيرة عدديا ومفهومة لكل إنسان - مثل مقاطعة شركات التلفاز المتعددة القنوات المشفرة - لم تحدث. لا يؤمن الإسرائيلي بقدرته على التغيير، أو انه يكسل عن أن يفعل شيئا بجدية، أو أنه لا يهمه أن يُستغل، فما دام الجميع راضين بذلك فهو لن يبدو مغفلاً. لكن الويل لمن يمس بما أصبح القيمة الإسرائيلية الأولى، وهو الإحساس بكوننا ضحية. يمكن الاحتيال علينا كمستهلكين، أو استغلال الناس أو الإضرار بالطبيعة. لكن إذا مسستم بتباكينا القومي، والإحساس العميق بان الجميع يكرهوننا لأنهم جميعا أشرار، فإننا نخرج من جلودنا ونسافر الى ايطاليا بدل انطاليا، وندفع مائة شيكل أخرى لمحاربة ذلك. إنها قصة قومية تثير الاهتمام، وهي كيف أصبحت الدولة المتباهية بنفسها، والتي اعتقدت أنها نور للاغيار (غير اليهود) مجرد مجموعة من الناس المنشغلين طوال الوقت بحساب مقدار كراهية الآخرين لنا. لقد أسهمت القيادة في ذلك بشكل كبير. لأنها رفعت شعار "العالم ضدنا" لسنوات طويلة، حتى أصبح شعاراً شعبياً في السنوات الأخيرة. وامتزجت كراهية الآخر الداخلية - وهي أقوى عامل في السياسة الإسرائيلية في العقود الأخيرة - بهذا الإحساس لخلق حقد راسخ وتلقائي على العالم. وذلك ينبع من شيء يصعب على فرسان الشعور القومي الاعتراف به، وهو أنه ليس من اللذيذ حقا أن تكون إسرائيلياً. فالسلوك الفظ ينسب إلينا دائماً، وإننا ذوو سياسة قومية يصعب على الناس مناصرتها دائماً. أسهل من ذلك أن نرد على ذلك بأنهم يكرهوننا، لأنهم يكرهوننا، لا لأننا نستحق ذلك. وهكذا يصبح أسهل أن نواجه حقيقة أنهم في دوائر أكاديمية أو في فندق لا يردون ردا جميلا على حقيقة انك إسرائيلي. ولهذا لن يقاطع اليساريون في إسرائيل منتوجات المستوطنات ولن يقاطع اليمينيون فعلاً مطرباً يحتج على عملية "الرصاص المصهور". لكن إذا اجترأ احد من الاغيار على أن يقول فينا شيئا ما، حتى لو كان غير مهم، فسنبين له من الفور بالطريقة الوحيدة التي يفهمها الاغيار معنى ذلك، طريقة الجيب. عوفير شيلح صحيفة معاريف