لي بندق ما صنعها الصانع التالي من دقة (المارت) نحال مقاضبها حي الطويلة وحي اللي شراها لي من واحد جابها للسوق جالبها هذان البيتان من قصيدة تعرف عند هواة الصيد بعنوان (قصيدة المقناص)، وهي للشاعر فراج بن ريفة القرقاح، رُوي أنها قيلت قبل مائتي عام تقريبا، ومنها قوله: واليا لفونا من المقناص زعالي أحد مدح بندقه وأحد يعذربها بشرتهم بالعشا من عقب مقيالي القايدة مع مرد الكوع ضاربها اضرب بها الوعل لا جا له تهنفالي أبو حنية كبير الراس شايبها ذبحت عشر بها والظل ما مالي والحاديه روحت تثلغ مضاربها إلى أن قال: و يا الله أنا طالبك حمراً هوى بالي لا روح الجيش طفاح جنايبها و دقة (المارت) هي بندقية صناعة أوروبية قديمة من طراز (مارتين)، وهي على نوعين إما طويلة لها ذخيرة (الطلقات أو الفشق أو ما يعرف قديما بزهاب البندق) من عيار أكبر وأفضل من الأخرى وهي مارتين قصيرة تعرف في الجزيرة العربية قديما باسم (الدقسا)، ومن أنواع البنادق القديمة (المقمع)، وأصل التسمية (أم قمع)، والقمع المقصود طلقة واحدة تعبأ من فوهة سبطانة (ماسورة) البندقية، ومنها (مقمع أم روحين) أي ذات سبطانتين. واسم (أم روحين، أو أم بطنين) يعني بها الصيادون حاليا البنادق الحديثة ذات السبطانتين. وهناك أنواع أخرى من البنادق القديمة تختلف أسمائها في الجزيرة العربية من منطقة إلى أخرى فكان هناك من يسمي باعتبار بلد الصناعة أو لخواص فنية أو شكلية أو نوعية في البندقية أو في الذخيرة مثل؛ المطلية (المالطية)، والخديوية، والعصملية، وأم تاج، وأم فتيل أو القبسون أو الكبسون، وأم أصبع، وأم خمس أي التي يتسع مخزنها لخمس طلقات (وهي غير أم خمس المعروفة في أوساط الصيادين حاليا). ومهما كانت تسمية البندقية أو نوعها فإن حملها قديما وإتقان الرماية بها من متطلبات الفروسية وبواعث الاطمئنان في الدفاع عن النفس وعن الجماعة أو القبيلة، أو حتى أداة تعين على الإغارة والسلب والنهب في عصور الجهل والفوضى وزمن الجوع والصراع على البقاء قبل توحيد المملكة. أما حديثا فإن امتلاك البنادق في جانبه الضيق باعثه الاهتمام بالتاريخ وحب التعلق بالتراث أو المحافظة على إرث عائلي، وهنا لن تخرج البندقية عن قطعة من المقتنيات الشخصية الأثرية وربما معطوبة لا يمكن استعمالها. وفي الجانب الأوسع تُحمل البنادق حاليا لاستخدامها في الصيد. والأخيرة؛ أي البنادق التي تستخدم في الصيد، تأتي على أنواع منها بنادق حديثة ذات عيارات مختلفة، وبنادق هوائية، وبنادق (شوزن أو شوزل أو سوجر)، والملاحظ أن أسماء البنادق، على اختلاف الأنواع، لم تعد تسمى كما كان يعرّفها الآباء أنها (صنع الفرنجي)، بل إن الأجيال الحديثة تعرفها بالأسماء التي تطلقها عليها الشركات المصنعة أو باسم الشركات نفسها مثل قولد هنتر، إكستريما، بريتا، سوبر بلاك إيقل، رامنجتون، براوننق، ونشستر، بنيللي، برنو. إذا كانت المعرفة بأنواع بنادق الصيد وآلية عملها والمزايا التي تفرق بينها مهمة لمن يصرح له بحملها فإن الأهم هو الإلمام بقواعد السلامة في استخدام السلاح والذخيرة وحفظهما، خصوصا بعد أن أصبح يتم تداولها مؤخرا بين مراهقين أو كبار لا يراعون أبسط تلك القواعد. وأعرف أن قواعد السلامة الخاصة باستخدام السلاح وأهمية تنظيفه وطريقة حفظه مطبوعة في دليل إرشادي مصور صادر عن وزارة الداخلية، وفي تقديري أن الاطلاع على المعلومة مهم جدا لكنه لا يكفي لأن تطبيق بعض اشتراطات السلامة لن يتعلمها حامل السلاح ويجيدها إلا في الميدان، وأعنى بالميدان نوادي الرماية والصيد التي لا توجد في المملكة رغم أن هناك قرارا صدر منذ عدة أعوام من مجلس الوزراء يسمح للقطاع الخاص بإنشاء تلك النوادي وفق اشتراطات محددة! ولا أدري لماذا لم يبرز المستثمرون. واحدة من أكثر بنادق الصيد شهرة وتداولا حتى بين صغار السن بندقية هوائية تعرف في المملكة باسم (الساكتون، أو أم صتمة)، والصتمة هي ذخيرتها التي تكون صغيرة جدا بالمقارنة بذخائر بنادق الصيد الأخرى. صحيح أن هذه البندقية أقل خطورة في ميدان أخطاء الاستعمال لكن التساهل في تقدير ذلك مع تركها في أيدي صغار السن الذين يجهلون أبسط مبادئ استخدام السلاح يجعلها خطيرة جدا. وأخطر من ذلك التصور الخاطئ عند بعض من يملكون بندقية نارية تعرف في المملكة باسم (الخرازة) وتساهلهم في تركها في أيدي صغار السن والمراهقين، وتلك بندقية يبلغ مدى إطلاقها مئات الأمتار وذات ذخيرة من عيار خفيف لكنه قاتل، ولقد شاهدت شخصيا مرارا صغار سن يحملونها ويتجولون وسط المزارع في أطراف المدن وضواحيها وفي القرى والأودية والمناطق الصحراوية العارية من الأشجار والمصدات الطبيعية كالجبال والتلال. في تقديري لو نُشرت سجلات رصد أخطاء استخدام بنادق الصيد، مع كشف معاناة الضحايا ممن هم على قيد الحياة ونشرت صور لهم تبين كيف فقدوا البصر أو شوهت وجوههم وأجسادهم فهي خطوة أولى نحو توعية الآخرين بأهمية معرفة مبادئ حمل بنادق الصيد وقواعد السلامة عند استعمالها ليتخذوها ويتجنبوا ما وقع فيه غيرهم. ثمة جانب آخر خطير أحيانا عندما تكدس بندقية الصيد وقت طويل ثم تستعمل في مواسمها دون تنظيفها، وأجزم أن كثيرين لا يعرفون كيف يتم ذلك أو لا يستطيعون عمله، إذا لماذا لا تكون هناك ورش يرخص لها من وزارة الدخلية وتكون تحت الإشراف الدقيق من قبل القطاع المسئول في الوزارة، وتختص هذه الورش فقط بتنظيف بنادق الصيد وصيانتها. بالتأكيد هذا يتطلب تسهيل الحصول على تصاريح حمل بنادق الصيد واستعمالها وتشديد العقوبة على كل من يملكها أو يحملها أو يقتنيها دون تصريح. أرى أن تسهيل الحصول على تصاريح (بنادق الصيد) عبر إدارات الشرطة في كل مدينة ومحافظة والتشدد في شروط العمر والأهلية والشروط الأخرى التي تطبقها وزارة الداخلية على من له الأحقية في ذلك خطوة مهمة باتجاه رصد بنادق الصيد المنتشرة في أوساط المراهقين وحصر أصحابها. إن الكثيرين ممن يملكون بنادق الصيد يستندون على أثر (علموا أولادكم الرماية)، أو لغرض استعمالها في الصيد تلك الرياضة التي لن يكون بمقدورنا نزعها من ثقافتنا الشعبية، وليس سرا أن أكثر الصيادين لا يحملون رخصة حمل سلاح، ويجهلون للأسف المبادئ الأساسية لاستخدام بنادق الصيد. [email protected]