مصير الدجالين هناك ثلاثة أنواع من الكتاب في الصحف السعودية: المتطرفون والمحافظون والدجالون. هذه الصفات ليست من تأليفي ولكنها صفات يطلقها كل طرف على الآخر من باب التعيير. لا أستطيع أن أقدم نماذج. صاحب الصنعة لا يمكن أن يقيّم زملاءه ليس في العلن على الأقل. يستطيع القارئ الكريم المساهمة بذكر بعض الأسماء في التعليقات على "الرياض" الالكترونية إذا أراد.( أرجو عدم تصنيفي ضمن الدجالين ) . خدمات الصحفي الالكتروني التي دشنتها "الرياض" مؤخرا قد تغير مفهوم الصحافة إذا توسعت الحرية أمامها. على كل حال استمتع بقراءة الكاتب المحافظ والكاتب المتطرف. يسعدني الوضوح في الموقف. التعاسة تأتيك من الكاتب الذي يقول الشيء ويقول نقيضه. نقل قاعدة الدكتور السكري التي عرضتها يوم الأربعاء الماضي من الرواية إلى الصحافة. تقوم القاعدة على أن تقول الشيء ثم تعتذر عنه. تقول ما تود أن تقوله ثم تداهن بنفيه وإدانته. لعلها اختراع صحفي قبل أن تكون حيلة روائية. هذه القاعدة تفشت في الصحافة السعودية هذه الأيام. أحد الأصدقاء يسميهم فرقة (لكن) أو المستدركين على عجل.( لأنهم يستدركون في نفس المقال لا في مقال آخر). كلمة (لكن) وقائية كما أفهم . يؤيد سياقة المرأة في بداية المقال وعند المنتصف يضع كلمة( لكن) ثم يكمل برأي الطرف المحافظ أو العكس. قبل أكثر من عشر سنوات لم يكن هذا الثالوث الصحفي موجودا بالصورة التي هو عليها اليوم. إنه مؤشر على أن هناك تغيرات تحدث. كان الكتّاب(طقم). لا تميز الأول من الثاني من الثالث مثل طقوم التباسي في العروس التقليدية. أتذكر كنا نسمي كثيرا من الكتاب الصحفيين السعوديين ( الكورس) أو الكورال كما ينطقها محمد عبده. إذا صدر قرار هبوا جميعا وصنفوه فتحا مبينا وإذا ألغي القرار في صباح اليوم التالي اعتبروه فتحا مبينا جديدا. نفس الكلام بنفس النغمة. لا يميز الكاتب عن الآخر سوى اسمه. اختل (الكورال) هذه الأيام. صار هذا يسبق هذا ، وهذا يطمن صوته وهذا يخفي عينيه، وهذا متلطم وهذا يتأخر في الحضور. هناك أيضا من انشق عن هذا الكورال. خرج عليه وجلس بعيدا يغني وحده. بعض الكتاب لم يحسم أمره. لم يقرر بعد هل المسألة إعادة ترتيب للكورال ، وتحسين في المراكز أم أن صنعة الكورال تريد أن تموت؟ نعيش لحظة تغير على كافة الأصعدة. من يستفيد من هذا التغير ومن يخفق. جيلي مثلا يبكي على أيام الطفرة. تسمعهم ونغمة الحزن ترن في أصواتهم( ليش ما شرينا أراضي ذيك الأيام كان الآن صرنا من كبار التجار). كانت تلك أيضا لحظة تغير.الذين اتخذوا القرار واشتروا أراضي أصبحوا تجارا أما المترددون من أمثال كاتب هذه السطور فبقوا يعتاشون من الرويتب. التغير يصيب الأمم بين فترة وأخرى. بعد عشر سنوات تقريبا أتوقع أن تكون النتيجة على الصعيد الثقافي كالتالي: الرواد أو من نسميهم المتطرفين يصبحون قيادات ثقافية أما المحافظون فسيختفون من وجه الأرض كما هي حال الدنيا دائما ، أما جماعة( لكن) فأترك للقارئ التنبؤ بمصيرهم.