قبل فترة اتصل بي أحد الأخوة العرب وسألني إن كنت قد أرفقت (صورا توضيحية) مع مقال بعنوان "إرم ذات العماد" !؟ .. فأجبته : أبدا ؛ مقالاتي في الجريدة لا تتضمن صورا من أي نوع فلماذا تسأل؟ .. فقال لأنني وجدته في مواقع ومنتديات كثيرة متضمنا صورا توضيحية لكيفية اكتشاف هذه المدينة تحت الرمال . فقلت بحزم : ليس لي دخل بهذه الصور ولكنني لا أستبعد شيئاً في عالم الانترنت .. وحين أغلق السماعة بحثت بنفسي فوجدت المقال مرفقا مع صور لمعابد هندوسية وبوذية وحفريات ليس لها علاقة بمدينة إرم التي جاء ذكرها في القرآن ولكنها بدت وكأنها نتاج جهدي الخاص ! ... ولا أستطيع القول إنني تفاجأت كثيرا بهذا التصرف لأنني سبق ووضعت اسمي المتواضع في محرك جوجل فأعطاني 26700 نتيجة من عالم الانترنت .. وحين بحثت تحت جُملة (حول العالم+ جريدة الرياض) أعطاني محرك البحث أكثر من 22200 نتيجة مشابهة .. وهذه النتائج تعني بلغة الانترنت وجود اسم الكاتب أو الزاوية في أكثر من 48900 صفحة ومنتدى وموقع إلكتروني . ومعظم هذه المواقع تضم مقالات منسوخة من موقع الجريدة تنشر في نفس اليوم والتوقيت (... لدرجة أشعر أحيانا بالخجل من جريدة الرياض كونها الجهة الوحيدة التي تدفع راتبي) !! ... والمضحك المبكي أن معظم "المقتبسين" يشيرون الى المصدر ( ليس إكراما للصحيفة أو الكاتب ) بل لإخلاء المسؤولية ، وعدم التعرض للنقد ، وسهولة حشر الادعاءات والمبالغات تحت مظلتهما .. وتصرف كهذا لا يوازيه غير تحريف المحتوى وعدم الإشارة للمصدر وادعاء انضمام الكاتب حصريا لهذا المنتدى أو ذاك (في حين أنه آخر من يعلم) .. فهناك مثلا موقع ادعى نجاحه في توقيع عقد معي لنشر كافة مقالاتي المرفوضة في جريدة الرياض، وموقع آخر نشر لي مقالا بعنوان "علوم يحظر دراستها" قدمه تحت هذه الفقرة : "حياكم الله اعزائي الاعضاء والزوار الافاضل هذه مقاله مهمة للكاتب الاعلامي فهد عامر الاحمدي خص بها شبكة المحمل ليتم نشرها لاول مرة بعد أن تعذر عليه نشرها في اماكن اخرى" في حين أن المقالة نشرت لأول مرة في الجريدة بدون أي اعتراض وماتزال موجودة في موقعها الإلكتروني ! ... وبدون شك الظاهرة عامة والبلوى شاملة وتدخل تحت مظلة الاعتداء الأدبي والفكري على حقوق المؤلفين والكتاب (خصوصا في حال التغيير والاضافة وعدم ذكر المصدر) .. وفي المقابل يتمتع المؤلفون في الدول المتقدمة بحقوق تساوي وتوازي أي منتج تجاري أو صناعي جديد ( لدرجة يستلمون مقابلا ماديا من المكتبات العامة ومعاهد الدراسات ومواقع الانترنت كلما اطلع القراء على مقالة أو دراسة كتبوها قبل سنوات) .. وهذه الحقيقة وحدها تكفي لإيضاح فقرنا القانوني والتشريعي تجاه السرقات الأدبية الفكرية وحاجتنا إلى أنظمة جادة تحمي المنتجات الفكرية وتضمن ازدهارها .. فليس من المعقول أن نعاقب من يسرق علبة تونة وجنط سيارة ؛ ونتجاهل من يسرق مقالا أو بحثا أو رسالة جامعية !!