يثير استغرابي كثيراً موضوع عدم غفران بعض الناس بداخل المجتمع للفتيات اللاتي ارتكبن ذنباً أو إثماً وبعد أن تم إدانتهن وطبق عليهن العقاب المناسب ورجعن لمزاولة حياتهن الدراسية أو العملية أو الاجتماعية وجدن بأنهن غرباء ولا تزال دائرة الشك وسوء الظن تحيط بهن بلا رحمة أو شفقة. وهدفي من وراء هذه المقدمة البسيطة طرح قصة حكتها أستاذة جامعية وكيف أنها غاضبة من تصرفات بعض الأستاذات والمشرفات وينضم إليهن بعض الطالبات اللاتي ينقصهن ثقافة الغفران والاحتواء الذي أمرنا بها الدين الإسلامي الحنيف!! سيداتي وسادتي سأبدأ القصة وكيف تعاملت معها أستاذتنا مجهولة الهوية كما لقبوها به بطلات قصتي الثلاثة فهن في السنة الجامعية الأخيرة وكنّ في الماضي طالبات مستهترات ولهن مشاكل عديدة مع الأساتذة والطالبات فكثرت الشكاوى عليهن وتم إعطاؤهن فرصاً كثيرة وبذلت إخواتي الاخصائيات بداخل الجامعة مجهوداً لمعرفة أسباب هذه التصرفات السيئة التي لا تليق بفتاة جامعية ولكن للأسف لا أحد يسمع النصيحة أو التوجيه حتى وقعن بمشكلة كبيرة جداً أدت إلى تطبيق عقاب الفصل لمدة زمنية.. مرت الأيام والأسابيع والأشهر قاسية مظلمة أعدن فيها التفكير بما فعلن وأنبن ضمائرهن لأنهن لم يسمعن النصيحة والتوجيه وعاهدن أنفسهن بطي صفحة الماضي، وبفتح صفحة جديدة مع أنفسهن أولاً ومع مجتمعهن ولكن للأسف بعد اشراقهن للحقيقة المرة، وجدن أنهن منبوذات والكثير من صديقاتهن وزميلاتهن ابتعدن عنهن وكثفت المراقبة الأمنية عليهن فاكتشفن بأنهن ما زلن مسجونات بداخل دائرة سوء الظن فشعرن بالاحباط واليأس فتمردن على واقعهن وسلكن سلوكيات سلبية لأجل لفت الانتباه من خلال الهروب من المحاضرات و لبس لباس يخالف أنظمة الجامعة والتخطيط لعمل مشاجرات مع الطالبات والاعتداء اللفظي سواء على الأساتذة أو مشرفات الأمن. فهن الآن يعملن على تدمير ومعاقبة ذواتهن وهناك فتيات من تعاقب نفسها بالانتحار أو الهرب فأين الرحمة وإعطاء ألف فرصة والاعتراف بإنسانيتنا وأننا بشر مفطورون على الخير والشر كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، لماذا نقرأ الآيات والأحاديث المنادية بالتسامح ولا نطبقها على أرض الواقع؟ لا أرغب بتشتيت أفكاركم بل أريد أن نقف عند نقطة ضرورية ألا وهي ثقافة الاحتواء والغفران وإعطاء الثقة للآخرين وخاصة الفتيات اللاتي اذنبن في الماضي فمن منا لم يذنب أو يعصي يوماً فنحن لا نعيش بالجنة أو بمدينة أفلاطون الفاضلة فلماذا كل شخص ينسى ماضيه ولماذا لا يغتفر للمرأة هفواتها وأخطاءها كالرجل مثلاً؟ التي تفسر أخطاؤه ومشاغباته على أنها أعمال صبيانية، وثقافة أن الرجل لا يعيبه شيئا فهذا من وجهة نظري اعتبره ظلماً فالله سبحانه خلقنا من تراب وكلانا له نزعات للخير والشر فلابد أن يكون هناك عدل ووعي من قبل الأسرة والمجتمع بإعطاء الفرصة للفتيات المذنبات ومساعدتهن على تخطي الذكريات القديمة الصعبة بالتحفيز، وتشجيعهن باستخراج أجمل ما لديهن من أخلاقيات وصفات حسنة وتوجيهها بأسلوب علمي صحيح. والحديث بهذا الموضوع يطول وأريد أن اختتم مقالتي بأن بطلات قصتي يستعدن بكل نشاط للامتحانات النهائية وكلهن أمل وثقة بالنفس بأن مستقبلهن الشخصي والعملي مشرق وسيشار لهن بالبنان، ولسان حالهن يقول شكراً لكم أستاذتنا مجهولة الهوية على احتوائك وتقبلك لنا...